hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - محمد وهبة

المقاصّة بالدولار: ليس صحيحاً أن الأميركيين يعرفون كل شيء

الجمعة ١٥ حزيران ٢٠١٦ - 07:00

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

مقاصة الشيكات بالعملات الاجنبية المتداولة بين المصارف العاملة في لبنان، تتمّ في مصرف لبنان منذ عام 1994. قبل ذلك، كانت "شركة لبنان المالية"، وهي شركة مملوكة من مجموعة مصارف محلية، تقوم بهذه المهمة، حتى إن البنك اللبناني الفرنسي كانت لديه غرفة مقاصة من هذا النوع.

جاء إنشاء غرفة المقاصة المحلية للعملات الاجنبية بموافقة الادارة الاميركية من أجل مواكبة "الدولرة" شبه الكاملة للاقتصاد اللبناني. هذا الواقع يدحض الكثير من المزاعم عن أن كل التعاملات بالدولار تمرّ عبر مصارف المراسلة في الولايات المتحدة، بل إن مصرفيين يجزمون بأن أكثرية التعاملات بالدولار الجارية بين المصارف العاملة في لبنان لا يعلم بتفاصيلها الاميركيون إلا من خلال "مخبرين"، لأن مقاصتها تتم محلياً لا في نيويورك، ما عدا تلك المتعلقة بالاعتمادات المفتوحة لتمويل التجارة الخارجية والتحويلات الجارية من لبنان وإليه.
على الرغم من ذلك، تتردد مقولة على ألسنة المصرفيين والمسؤولين في القطاع المصرفي، مفادها أن لا خيار سوى اعتماد الـ"De-risking" في تطبيق القانون الأميركي (منع تمويل حزب الله دولياً)، أي اعتماد مبدأ "الباب يلي بيجي منو الريح سدّو واستريح"، وذلك بحجّة أن كل التعاملات بالدولار الأميركي تتم عبر مصارف المراسلة الأميركية وتجري مقاصتها في نيويورك، وبالتالي يمكن للأميركيين الولوج إلى تفاصيل كل عملية بالدولار مهما كانت.
وجود غرفة المقاصة للشيكات بالدولار لدى مصرف لبنان تدحض هذه المقولة، إذ بحسب الإحصاءات التي ينشرها مصرف لبنان، فإن المصارف تتبادل شهرياً أكثر من ٧٠٠ ألف شيك مصدّر بالدولار. الإحصاءات تشير أيضاً إلى أن قيمة الشيكات التي يجري تبادلها بين المصارف بلغت ٥٠.٩ مليار دولار في عام ٢٠١٤، و١٢ مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية.


ر

في الثمانينيات حصل مصرف لبنان على إذن من الأميركيين بإجراء عملية المقاصة لديه. فكل مصرف عامل في لبنان يقيّد الشيكات المتداولة من قبل الزبائن في جدول لدى مصرف لبنان كي يتم التأكّد من صحتها وتحويل قيمتها إلى المصرف المعني ليضعها أو يسحبها من حسابات الزبائن. هذه العملية تتطلب أكثر من ثلاثة أيام، وبعض المصارف يجعلها سبعة أيام ليستفيد من استعمال المبالغ المتقاصة لمدة أربعة أيام إضافية.
المهم، ان هذه المقاصة لا يطّلع الأميركيين عليها، وبالتالي إن كل العمليات التي تجري بواسطتها ويتم من خلالها استعمال الدولار لا تخضع لسلطة مصارف المراسلة الأميركية، بل تخضع للسرية المصرفية ولا يمكن (قانوناً) الكشف عنها لأي كان. وبحسب مصادر مصرفية، إن مصارف المراسلة لا يمكنها أن تسأل عن هذه العمليات، بل هي تسأل المصارف المحلية عن الحسابات وعن الزبائن الذين ينفذون تحاويل إلى الخارج أو يستقبلون تحاويل من الخارج، أو يفتحون اعتمادات مستندية لتسديد ثمن مشتريات مستوردة أو لقبض فواتير عن سلع مصدرة من لبنان إلى الخارج... هذا النوع من العمليات مكشوف أصلاً للأميركيين من خلال مصارف المراسلة التي تملك معلومات كافية ووافية عن الزبائن وعن حجم عملياتهم مع الخارج وهوية المتعاملين معهم. غير أن أحد أعضاء مجلس إدارة المصارف يرى أن «التعاملات المحلية تتم عبر مصرف لبنان، سواء كانت بالليرة أو بالدولار، والأميركيين يعلمون هذا الامر وإن كان لا يعجبهم، لكن المشكلة أن المصارف لن تخاطر في إبقاء أي حسابات قد ينطبق عليها القانون الأميركي ضمن نظام التعاملات المحلية. ينطوي الأمر على مخاطر مرتفعة لن يقدم عليها أي مصرف».
على أي حال، ينطوي تطبيق القانون الأميركي، بجميع مندرجاته وأشكاله، على خرق فاضح للسيادة اللبنانية، وهذا لا يعفي المصارف ومصرف لبنان من المسؤولية. هكذا بدأت تخرج مجموعة من الأسئلة: لمَ يجب أن تقفل المصارف حسابات لا علم لمصارف المراسلة الأميركية بوجودها ولا علم لها بعملياتها؟ كيف علمت وزارة الخزينة الأميركية وغيرها من الإدارات الأميركية بحسابات في بعض المصارف؟ ولماذا تخلّى مصرف لبنان عن سلطته على المصارف وتركها تفتح على حسابها مع الاميركيين، من قانون "فتكا" الى قانون "حزب الله"؟
يقول أحد المصرفيين، إن غالبية المصارف في لبنان لديها حسابات بعيدة عن أعين مصارف المراسلة أو وزارة الخزانة الأميركية، «لكن المخبرين يبلغون مشغليهم الأميركيين عن هذه الحسابات على الدوام، إلا أنه لم تبرز مصلحة أميركية في إغلاق بعض الحسابات للاستفادة من عملية مراقبتها بطريقة غير مشروعة. إخراج هذه الحسابات من النظام المصرفي يبعدها عن أعين المخبرين ويدخلها في السوق النقدية التي اتسعت خلال الفترة الماضية بفعل وجود النازحين السوريين، ولا أحد ينكر أنه يمكن استعمال هذه الشبكة النقدية من أي جهة كانت، سواء حزب الله أو غيره». يضيف المصرفي "لسنا مضطرين أبداً للرضوخ للأميركيين بشكل كامل".
 

  • شارك الخبر