hit counter script
شريط الأحداث

زياد الصَّائِغ لـ "ليبانون فايلز": الارتجال في مواجهة النزوح سيورّط لبنان بتداعيَّاتٍ خطيرة ...

الأربعاء ١٥ حزيران ٢٠١٦ - 07:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا تزال قضيَّة النَّازحين السُّوريّين التي أُضيفت إلى قضيّة اللَّاجئين الفلسطينيّين تُشكِّل هاجساً كيانيَّاً أساسيّاً للُّبنانيّين. وإذا ما كانت الدَّولة اللُّبنانيّة ما زالت حتَّى الآن، وعلى الرُّغم من العبء الديموغرافي الهائل الذي ينعكس تداعيات اقتصاديّة واجتِماعيّة، ما زالت تتعاطى مع هذه القضيَّة بمقارباتٍ مجتزأة يغلِب عليها طابع الأنشِطة الإغاثيّة أكثر منه السّياسات المرتبطة بالمصلحة الوطنيّة العُليا، فإنّه للإضاءَة على تعقيدات هذه القضيّة واستِشراف حلولها كان ل "ليبانون فايلز"، حديث مفصّل مع زياد الصَّائِغ الخبير في السّياسات العامَّة واللَّاجئين.


1. بعد العاصفة التّي أثارها تقرير الأمين العامّ للأمم المتّحدة بشأن اللَّاجئين والمُهاجرين كيف تعتقِد أنَّ لبنان يجب أن يُصوِّبَ سياساتِه؟
• لبنان لم يمتلك حتَّى السَّاعة للأسَف سياسَة وطنيَّة عامَّة تُجاه النَّازحين السُّوريّين، وشابَ علاقته بهذه القضيّة كما اللّاجئين الفلسطينيّين أخطاء استراتيجيّة وتكتيّة،
ففي الاستراتيجيا إستندت الدَّولة – على التباس هذا المصطلح عندنا – إلى مُراعاة مصالِح الأفرِقاء السّياسيّين أكثر منه إلى المصلحة الوطنيّة العُليا. وما أعنيه بمصالِح الأفرقاء السّياسيّين يعني غياب السّياق الجامِع الذي يوازن بين استِضافة مؤقّتة وكريمة للنَّازحين وموجبات سيادة الدَّولة والإعداد لعودتهم، وإحدى التّعبيرات التكتيّة لغياب الاستراتيجيا بدا في عدم الموافقة على إقامة مراكِز إيواء والوقوع في تشتيت هؤلاء على كُلّ المستويات ما أدّى وسيؤدّي إلى إشكالاتٍ ديموغرافيّة وسوسيو – إقتصاديّة لهُم وللمجتمعات المضيفة على حدّ سواء.


2. "مراكز الإيواء" مصطلح تجميليّ لمخيّمات عانى منها لبنان ولم يزل في قضيّة اللّاجئين الفلسطينيّين، فما هي الحاجة إليها؟
• "مراكز الإيواء" كانت وفَّرت على لبنان الكثير من المشاكِل، ومنها تحديد الموضعة الجُغرافيّة للنّازحين وضبط خدماتهم الإغاثيّة والاستشفائيّة والتربويّة برعاية الأمم المتّحدة، وخفَّف من الثّقل على المجتمعات المضيفة التّي يبدو أنَّها بدأت تُعاني من تسيُّب حالة النزوح. في أيّ حال، أعتقِد أنَّنا حتَّى الان، وعدا الإجراءَات الاستثنائيّة التّي اتَّخذتها المديريّة العامَّة للأمن العامّ لتنظيم وفود النَّازحين، أخفقنا في تنظيم وجودهم، ونحن أعجز عن الإعداد لعودتهم إلى مناطق آمنة في سوريا أكانت في مناطِق عازِلة أو داخِل سوريا برعاية أمميّة، وهذا كُلّه بسبب تشتيت المرجعيّة الحكوميّة، ومراعاة مصالح مواقِع النُّفوذ، وحَتْماً عدم إنجاز تفاهُمات سياديّة مع الأمم المتّحدة، والإنزِلاق في الصُّراخ للتمويل قصراً.

3. التمويل حاجة أساسيّة وبدونها لا يُمكن للبنان تحمُّل أعباء النزوح، وهذا التّمويل حتَّى الآن غير كافٍ أليس كذلك؟

• التمويل هو وسيلة لتطبيق سياسة عامَّة. المشكلة الكامنة هي هشاشة التمويل، ويجب الاعتِراف بتقصير المجتمع الدَّولي في ذلك، وهذا التَّقصير سيكثُر إذا استمرَّت الأزمة، وما نُعانيه من نقص تمويل الأونروا المعنيّة باللَّاجئين الفلسطينيّين سيُرادِفه حَتْماً مستقبلاً نقص للمفوضيّة العُليا لشؤون اللّاجئين. ما أحاول التأكيد عليه أنَّ التمويل عنصر مهمّ إنَّما غير كافٍ، والأهمّ أن يأتي التمويل في خدمة سياسة اقتِصاديّة – اجتماعيّة تحمي كرامة المجتمعات المضيفة كما النّازحين، وإحدى تعبيرات السياسة الاقتصاديّة – الاجتماعيّة هو تنظيم سوق العمل ممّا يحافظ على اليدّ العاملة اللّبنانيّة من ناحية، ويستدعي ما يحتاج إليه من يد عاملة من النّازحين واللّاجئين بحسب قطاعات مُحدّدة وحديثي عن الجدوى الاقتصاديّة المقرونة بحماية اجتماعيّة.

4. أشَرْت في ما سبق إلى أهميّة قِيام مرجعيّة موحّدة بالإضافة إلى التمويل ...
• الأهمّ هو السّياسة العامَّة التي يرسمها الخبراء وينفّذها صنّاع القرار وليس العكس. ما عطَّل قِيام سياسة عامَّة أي مصالح الأفرقاء السّياسيّين، هو الّذي يُعطِّل قيام مرجعيّة موحّدة. كان الأجدى عند تشكيل حكومة الرّئيس تمّام سلام إسناد هذه القضيّة إلى وزير يُعيّن بوضع تصوّر منهجي على المدى القريب والمتوسّط والبعيد، ويكون صلة الوصل مع الأمم المتّحدة وجامعة الدّول العربيّة ويُنسِّق فيما بعد بين الادارات العامّة والوزارات المعنيّة، بما يُمكِّن لبنان من تفادي إزدواجيّة المقاربات وتناقضها أحياناً. لا أدري لماذا الرّئيس ميشال سليمان لم ينتبه لهذه المسألة كما الرّئيس سلام، أم أُرغِما على عدم التنبّه لها في أيّ حال المرجعيّة الموحّدة ضرورة وعلى لبنان ألّا يتأخّر في تسميتها. الخليَّة الوزاريّة لا تكفي فالمطلوب مسؤول وقرار ومُساءَلة.

5. كلمة أخيرة ...

كفى تلاعباً بالقضايا الكيانيّة والمصيريّة وكفى استهتاراً بحقوق المواطنين اللّبنانيّين وكرامة اللّاجئين والنازحين على حدٍّ سواء. الدَّمج المجتمعي الّذي يتمّ الحديث عنه يقتُل هويَّة النازحين واللّاجئين، ويٌعجِّز المجتمعات المضيفة. المطلوب الإرتقاء بمقاربة هذه القضيّة إلى مستوى الأمن القومي في لبنان بدل الأفرقاء السّياسيّين وخياراتهم الملتبسة والانتِحاريّة أحياناً، بالعِلم تُبنى الأوطان لا بالديماغوجيا.
 

  • شارك الخبر