hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ناصر زيدان

الاعراس السياسية والاوضاع المأساوية في لبنان

الإثنين ١٥ أيار ٢٠١٦ - 06:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

بالرغم من التفاعلات غير العادية للانتخابات البلدية وما رافقها من كلام وإتهامات وتعليقات؛ تنشغل الاروقة السياسية والشعبية بالحديث عن حفلات الزفاف الكبيرة التي حصلت في لبنان، وجاءت مُتقاربة في مواعيدها، كأنها سباق لتسجيل ارقام قياسية في الانفاق المالي، او لتسجيل اكبر استعراضات غير مسبوقة في هذا السياق. وبدى كأن حجم العرس وملابس العروس وحِليها؛ تدلُّ على رفعة شأن العريس ومكانة اهله وعلى موقعهم السياسي والاجتماعي.
يُنقل عن نيكيتا خروتشوف الذي حكم الاتحاد السوفياتي السابق بين العام 1953 والعام 1964؛ انه قال لمن عاتبه على دعوة 12 شخص فقط في عرس ابنته الوحيدة رادا: " لا استطيع تغطية تكاليف حفلة اكبر من هذا الحجم" وكان خروتشوف معروف بقساوته، وشدَّة تعلُقه بالسُلطة، وفي كبريائه التي جرَّته الى رفع حذائه على منبر الامم المتحدة عام 1960، مُهدِدأ الولايات المتحدة الاميركية اذا ما غزت كوبا.
وينقُل الكاتب نبيل هادي عن كمال جنبلاط ( كتاب التحدي الكبير ص 83) ان جنبلاط كان في سنواته الاخيرة يعمل على جمع مبلغ يساوي كل الرواتب التي قبضها من خزينة الدولة طيلة فترة توليه النيابة والوزارة، لإعادتها الى صندوق مجلس النواب.
ربما من باب المصادفة ان تجري حفلات الاعراس الشهيرة لأبناء المسؤولين في الفترة الماضية؛ متقاربة، ومنهم ابناء رؤساء سابقين ووزراء ونواب حاليين وسابقين، وابناء كبار من موظفين في الدولة من مختلف القطاعات، وبينهم ايضاً ابناء مُتعهدين كبار لتنفيذ اشغال في مرافق حكومية، او بلدية.
احدهم حجز ثلاث طائرات خاصة لنقل المدعوين لعرس ابنه في المغرب، وآخر اضاء سماء مدينة عاليه بكاملها منذ اشهر قريبة واشعلها بالمفرقعات - رغم انه ليس من ابناء المدينة - وثالث حوَّل ليل وادي نهر الكلب الى نهار، ورابع تواضع واستبقى سهرة عرس ابنه في كازينو لبنان، وخامس شُبِه عرس ابنه بحكاية الف ليلة وليلة وسط بيروت، وسادس... وسابع على ذات المنوال..والسُبحة طويلة.
والمفارقة التي لم تَغفَل عنها شبكات التواصُل الاجتماعي – واحياناً ربما تكون ظالِمة – ان توقيت هذه الاعراس الباذِخة يترافق مع وضع مأساوي يعيشه اغلبية اللبنانيين، ومعهم مئات الالآف من النازحين السوريين، فالفُقر والعوَز يطرق الابواب، والبطالة بين صفوف الشباب بلغت رقماً قياسياً، والمؤسسات الحكومية والخاصة تعاني من إختناق مُخيف، واشلاء الجثث، وآثار الدماء تفترشُ ارض سوريا الشقيقة. وملايين الناس محرومين من ابسط مقومات الحياة، لكنهم يتواصلون مع " الميديا الحديثة " كما ان اصوات الحفلات الصاخبة تصل الى آذان اللبنانيين والسوريين، والحياة بين الشعبين مُتداخلة في بعض جوانبها.
وتترافق حفلات الزفاف الصاخبة مع إجراءاتٍ امنية وقائية تقوم بها الاجهزة المُختصَّة، لأن هذه الحفلات يحضرها مسؤولون على اعلى المستويات، إضافة الى شخصيات مالية، ورجال اعمال بطبيعة الحال.
في 14/4/2015 أُجبرت الوزيرة السويدية مانا سالين على الاستقالة لأنها اشترت بنزين لسيارتها الخاصة بمبلغ 60 دولار اميركي من حساب خزينة الدولة، علماً انها اعادت المبلغ في اليوم التالي، ولكن القضاء السويدي اعتبر الامر استغلالاً للسلطة، وهدراً للمال العام.
في لبنان صدر قانون الإثراء غير المشروع رقم 154 في 27/2/1999، والزمَ كُل مَن يتولَّى وظيفة عامة - بالانتخاب او بالتعيين – على تقديم تصريح عن ممتلكاته قبل تولي الوظيفة. ولكن يُلاحظ ان اغلبية المسؤولين دخلوا الى الوظيفة بوضع مادي متواضع، وبعد سنوات بَدت عليهم مظاهر الثراء بشكلٍ واضح، ومن هؤلاء بعض الذين يُنظِّمون الاعراس الصاخبة لأبنائهم، وربما لسائقيهم والمرافقين لاحقاً.
حالة السخط على مظاهر البذخ في ظل الاوضاع المأساوية التي تعيشها البلاد؛ عارِمة، وسيكون لها تأثيرات مستقبلية بطبيعة الحال.

 

  • شارك الخبر