hit counter script

مقالات مختارة - ثريا عاصي

الديمقراطيّة في خدمة السلطة دائماً!

الأحد ١٥ أيار ٢٠١٦ - 06:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار
جرت الأحد في 22 .05 .2016 الإنتخابات البلدية في جنوب لبنان.. أعتقد انه يمكن القول أن هذه الإنتخابات لم تشبها شائبة بوجه عام وبالتالي فإن النتائج التي أسفرت عنها جاءت معبرة بصدق عن آراء المقترعين. بمعنى آخر يمكننا أن ننعت هذه الإنتخابات بأنها وجه من أوجه الممارسة الديمقراطية، التي يدق بابها منذ خمس سنوات ونيف، في بعض بلاد العرب، «بكل يد مضرجة». ولكنها يد القرضاوي وأيدي آل سعود ويد العثماني الجديد ذوي الميول الفاشية، وأيدي بعض الفلسطينيين الذين ارتأوا أن يفكروا وأن يقاوموا من مدينة الدوحة القطرية الخليجية.
تميزت هذه الإنتخابات البلدية في جنوب لبنان بميزتين اثنتين:
ـ الأولى، تمثلت بأن لوائح السلطة اضطرت في بعض القرى والبلدات، إلى خوض معركة إنتخابية ضد مرشحين مستقلين مدفوعين في غالبيتهم بالحنين إلى الأحزاب والحركات الوطنية، التقدمية، العلمانية، ابان عصرها الذهبي في سبعينيات القرن الماضي.
ـ الميزة الثانية، هي أن لوائح السلطة، فازت ديمقراطياً في هذه الإنتخابات البلدية. وفي هذا السياق، أظن ان المرشحين المستقلين حصلوا، عموماً، على نسبة من الأصوات ليست دون معدلات التأييد الشعبي الذي كانت تحظى به قبل أن تتعرض للقمع في السنوات التي سبقت الغزو الإسرائيلي وبعده!
يلزم التوضيح هنا إلى أن تعبير «أحزاب السلطة» يعني في جنوب لبنان، حركة أمل وحزب الله، بالإضافة إلى حليفيهما الحزبين السوري القومي الإجتماعي والبعث العربي الإشتراكي. وحتى أكون أكثر وضوحاً وفي منتهى الصراحة كوني كاتبة ملتزمة، أقول ان ما أقصده هي سلطة الأمر الواقع التي تفرض إلى حد ما قانونها في الحيز العام وتوزع الإمتيازات على المحاسيب. وما أقصده أيضاً هي السلطة التي تتولى الإشراف على التعينات والوظائف في إدارات الدولة بحسب المحاصصة المذهبية. فإن لم تكن موالياً لا حظ لك في العمل في القطاع العام!
أكتفي بهذا الإستطراد فأنا لست هنا بصدد الحديث عن الأوضاع في لبنان، الذي تهتك جراء الحروب وجشع أمرائها ولم يستطع اللبنانيون بعد، إعادة اللحمة إلى أجزائه أو حتى التقريب بينها. وإنما حملني على تناول موضوع الإنتخابات البلدية هو النظر في تجربة المرشحين المستقلين في مقابل «لوائح السلطة»، لا سيما ان نسبة المصابين بداء الديمقراطية «الأميركية السعودية العثمانية» بين هؤلاء المرشحين هي بحسب تقديري عالية جداً.
السؤال الذي يلح علي في الواقع هو التالي : هل يمكن تغيير السلطة، أو بالإحرى نظام السلطة عن طريق «الديمقراطية الإنتخابية» المجتزأة من مجمل السيرورة الديمقراطية ؟ بتعبير آخر هل يمكننا من خلال تجربة المرشحين المستقلين في الإنتخابات البلدية الأخيرة الإستنتاح بأن التغيير ممكن أن يحصل بواسطة الديمقراطية أو بتعبير آخر هل تخرج «الثورة» الشعبية من صناديق الإقتراع؟ فلقد دحضت التجربة أن هذه الثورة لا تخرج من المساجد!
أعتقد أن «السلطة» في جنوب لبنان على سبيل المثال، لم تمنع في ظاهر الأمور الناس من ممارسة الديمقراطية. ولكنها كانت تعرف مسبقاً أن الأخيرين هم بحاجة إلى هذه السلطة، ففيها، في حضنها في كنفها يحيا أبناؤهم الذين حرروا البلاد من المستعمرين الإسرائيليين وهم يذودون في الراهن عن سورية، الوطن الأم، ضد الولايات المتحدة الأميركية، ضد عالم الأموال والمصارف، ضد مشايخ النفط، ضد نظم الحكم العربية، ضد المستعمرين. لقد إئتلف هؤلاء جميعاً ضد حزب المقاومة ! ينبني عليه أن الأولوية تتمثل في تقوية هذا الأخير في جميع المناسبات وبكل الوسائل المتوفرة. مهما يكن فأنت لا تقترع ضد حزب الذين يقاتلون في سورية وسقط منهم شهداء ووريت جثامينهم في المقبرة التي ضم ثراها جثامين أجدادك وأبيك وأمك؟
ما العمل إذا كانت هذه السلطة تخطئ ولا تعدل ولكن غالبية الناس لا يستغنون عنها، مخيرين أو مجبرين. فهي في الظروف الراهنة ضرورة وحاجة لا بديل عنها ؟ يؤكد ذلك فوزها في الإنتخابات التي لا يخالطها عيب. الأقوياء والأثرياء يفوزون ديمقرطياً. هل يجيز المنطق أن نغتنم فرصة تصدي هذه السلطة، بواسطة الجيش الوطني، لهجوم أميركي ـ إسرائيلي، دفاعاً عن نفسها وعن البلاد أي عن الناس جميعاً، كي ننتقم منها ونهدم الهيكل فوق رؤوسنا فنحقق رغبات المعتدين؟ أو أنه لا مفر من إختيار الدفاع عن البلاد إلى جانب السلطة وتوظيف حاجتها إلينا وحاجتنا لها في ظروف صعبة وحرجة، من أجل إيجاد الطريق إلى الخلاص وإلى التوافق على قاسم مشترك يجمعنا ويضمن الوجود والعيش الآمن والحضاري!

  • شارك الخبر