hit counter script

أخبار محليّة

الراعي: لتكوين سلطة الدولة وتحرير مؤسساتها من رهن الأفرقاء السياسيين

الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٦ - 17:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

نظم المركز الماروني للتوثيق والابحاث مؤتمر "مئوية المجاعة الكبرى في جبل لبنان"، برعاية وحضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في جامعة الحكمة، وتخلله إطلاق كتاب "مجاعة أهالي جبل لبنان".

وحضر المؤتمر السفير البابوي غبريالي كاتشا والمطارنة: بولس مطر، بولس عبدالساتر، سمير مظلوم، كميل زيدان، جورج صليبا، ميشال عون، طانيوس الخوري، حنا علوان، انطوان عنداري، سمعان عطاالله، منجد الهاشم، رئيس "كاريتاس لبنان" بول كرم. وحضر أيضا النائبان حكمت ديب، جان اوغاسبيان، الوزراء السابقون طوني كرم، سليم الصايغ، ابراهيم الضاهر، منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد، رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل ورئيس المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبدو أبو كسم.

وكانت كلمة ترحيبية للمدير العام للمركز الماروني للتوثيق والابحاث للخوراسقف سعيد الياس سعيد، أشار فيها الى أن "ما من وطن يقوم بإغفال تاريخه، المشرق منه والكئيب، وما من مستقبل لدولته إن لم ترب اجياله على معرفة الماضي لتحسن فهم الحاضر وتتصالح مع الذات ومع الآخر وتتآزر لصنع الحياة المشتركة".

وتحدث الراعي فقال: "يسعدني أن أشارك في افتتاح مؤتمر "المجاعة الكبرى في جبل لبنان" بمناسبة مرور مئة سنة على هذه المأساة العظيمة التي امتدت امتداد الحرب العالمية الأولى (1914-1918)،وأهلكت جوعا ثلث سكانه، وأكثريتهم من المسيحيين. فأنحني معكم أمام ذكراهم الأليمة. لكن مأساة الإبادة انطوت على رجاء أكيد، إذ أثمرت ولادة لبنان الكبير. "فدم الشهداء بذار الأوطان". وها نحن نستعد للاحتفال بمئوية إعلان دولة لبنان الكبير في أول أيلول 2020، ثم الازدهار.

أود أولا أن أشكر المركز الماروني للتوثيق والأبحاث، بشخص رئيسه سيادة المطران سمير مظلوم ومديره الخوراسقف سعيد سعيد، ومعاونيهما، على تنظيم هذا المؤتمر. وأحيي كل الذين يحاضرون فيه ويشاركون. كما أعرب عن امتناننا لجامعة الحكمة بشخص وليها سيادة المطران بولس مطر، ورئيسها الخوري خليل الشلفون لاستضافة هذا المؤتمر. وإذ نرجو النجاح لأعماله، نأمل أن تكون مساهمة نوعية مفيدة، لتاريخنا الوطني".

أضاف: "منذ مئة عام، كان أجدادنا في الجبل اللبناني، ضحية دولة طال احتلالها لبلادنا، ودول تصارعها وتتصارع في ما بينها من أجل مصالحها، على هذه الضفة من المتوسط. فبلغ الأمر إلى أن أطبق الحصار على أهل الجبل، برا وبحرا، فجاعوا، وأكلوا مؤونتهم وحيوانهم، ثم ما ترك لهم الجراد من بذار أرضهم، وبعض ما يعطيه الغاب والحقل، ثم باعوا الأغلى من المقتنيات والأرزاق. وأخيرا ماتوا على الطرقات وفي المنازل والحقول، من دون أي كرامة إنسانية.

إن كتاب الخوري اسطفان ابراهيم الخوري: "مجاعة أهالي جبل لبنان خلال الحرب الكونية الأولى (1914-1918)، من منشورات المركز الماروني للتوثيق والأبحاث، الذي سيوزع اليوم، يشرح لنا بإسهاب وقائع المجاعة وأسبابها ونتائجها وأبعادها، انطلاقا من وثائق رسمية ومصادر علمية وكتابات. فله منا كل شكر وتقدير".

وتابع: "يقام هذا المؤتمر لثلاثة أهداف: لنحيي أولا ذكرى أهالي هذا الجبل، المسيحيين، رجالا ونساء، شيوخا وأطفالا، مرضى وعجزا. نتذكر العذاب الذي عانوه، والقهر الذي كابدوه، والنهاية المحتومة، إذ مات الثلث، وبارت بلدات وقرى، وأقفلت بيوت، وانقرضت عائلات، وجاءت السنون تطوي تلك الصفحات المرة، وكأنها لم تكن.

ونجتمع لنحيي ثانيا ذكرى من وقف إلى جانبهم، مع كنيستهم، يعضدهم ويواسيهم، من أبناء الوطن، ولا سيما من مسلميه، ومن جمعيات البر والحكومات الأجنبية. فلولاهم لكان ذهب الجوع بأكثر من ثلثهم، ولربما كنا فقدنا عزاء التراحم الذي شكل على مر تاريخ لبنان، صفحات مضيئة في شركة المحبة بين جماعاته الروحية.

وثالثا لنتساءل: كيف يمكن لمأساة كهذه أن ترتكب مثل مثيلاتها الأدهى منها التي طالت الأرمن، والسريان، والأشوريين، في تركيا وأقليات مسيحية أخرى في شرقنا، والدول لا تجرؤ أن تسميها "إبادة"، ولا أن تفرض المتوجب من عقوبات وتعويضات قانونية. ولهذا السبب، نقول انها ترتكب تكرارا، حتى بلغت ذروتها في فلسطين، وسوريا، والعراق وسواها، من دون أن يبادر المجتمع الدولي إلى الاحتياط في وجهها بأجهزة وآليات وإجراءات قانونية تحول دون ارتكابها؟ ونتساءل: كيف يمكن لدول صغيرة ومجتمعات أن تبقى أسيرة مصالح دول كبرى تفتك بها وبكيانها وتاريخها وحضاراتها. وحتى م يبقى مستقبل هذه المنطقة الشرق أوسطية، ضحية دائمة للنزاعات والحروب، والعنف، وإراقة الدماء، وهدم جنى العمر، وإبادة التاريخ والثقافات؟"

ورأى أن "ما يقلق المسيحيين وغير المسيحيين، من أقليات وأكثريات شرق أوسطية مسالمة، عريقة في التاريخ، هو تلك السهولة الدائمة في استباحة حياتهم، والاستهانة بكرامتهم، والتلاعب بمصيرهم، والتمادي في الإضرار بهم، فيما ينبغي أن يكونوا هم صانعي يومهم وغدهم، ومشاركين في صناعة يوم العالم وغده.

كل هذا نعانيه، بعد مرور أكثر من نصف قرن على إعلان شرعة حقوق الإنسان، التي ساهم لبنان في صياغتها، وبعد سلسلة من الشرعات والمواثيق والاتفاقيات الدولية الأخرى، التي وضعت بهدف حفظ السلام والأمن الدوليين، وإعلاء شأن قيم الحرية والعدالة والحق بتقرير المصير قولا وفعلا".

وأضاف: "في هذا الضوء، يرتدي مؤتمر "مئوية المجاعة الكبرى في جبل لبنان" أهمية خاصة. لذا، نرجو أن يشكل انطلاقة عمل جدي دؤوب وفاعل، تتبناها الدولة اللبنانية لترجمة خلاصاته ولجعلها دعوة للجماعة السياسية عندنا لالتزام واجب إخراج اللبنانيين من حالة الفقر والجوع والحرمان، من خلال تكوين سلطة الدولة، وفقا للدستور، وتحرير مؤسساتها الدستورية من رهنها بخيارات الأفرقاء السياسيين، والنهوض الاقتصادي بكل قطاعاته المنتجة. وبذلك يثبت لبنان من جديد وجوب وجوده، وأهمية دوره في منطقة الشرق الأوسط".

وختم: "فليبق ذكر شهدائنا، وبخاصة شهداء المجاعة الكبرى، حيا في خواطرنا وقلوبنا، وليكن هذا المؤتمر نورا للضمائر وشرارة خيرٍ على طريق السلام في ربوعنا وفي منطقتنا، يلتزم به كل ذوي الإرادة الحسنة".

وعرض فيلم وثائقي من إعداد الإعلامية يولاند خوري يتحدث عن الحرب العالمية الاولى والمجاعة التي ضربت جبل لبنان.
وتخلل المؤتمر 4 جلسات، الاولى تناولت الاطار العام للمجاعة مع الدكتورة اوجيني تنوري التي تحدثت عن سياسة الأتراك تجاه الاقليات، والدكتور ديب ابو ملهب عن السلطنة العثمانية والاقليات عشية الحرب العالمية الاولى، والبروفسور انطوان كيم الذي ناقش المجاعة في متصرفية جبل لبنان بين الحصارين البحري والبري.

أما الجلسة الثانية فتطرقت الى واقع المجاعة في جبل لبنان، فقد شرح الدكتور عبدالرؤوف سنو هذه الازمة من وجهة نظر المانية، اما الدكتور علي شعيب ففسر المجاعة في الساحل الجنوبي للبنان.

وبعد نشيد "احبوا نور الحكمة" مع مي شديد وباتريك الشعار، فتضمنت الجلسة الثالثة دور الكنسية وسواها في التصدي للمجاعة في جبل لبنان مع الدكتور رمزي سلامة الذي تحدث عن الناجين من المجاعة، والخوري اسطفان الخوري الذي أجرى قراءة في أرشيف بكركي الخاص بالمجاعة، والخوري الياس الحلو عن دور الرهبانيات في مقاومة المجاعة. أما الدكتور عصام خليفة فتطرق الى المساعدات الخارجية للتصدي للمجاعة في لبنان.
وعرض المطران سمير مظلوم نتائج المجاعة بالنسبة الى دولة لبنان الكبير.
 

  • شارك الخبر