hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

باسيل: الحياد الإيجابي يسلط الضوء على قيمة لبنان بمنطقة تعمها الصراعات

الثلاثاء ١٥ أيار ٢٠١٦ - 15:14

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

استقبل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل نظيره وزير خارجية سويسرا ديدييه بورخالتر والوفد المرافق، وسفير سويسرا في لبنان فرانسوا باراس. بعد اللقاء عقد الوزيران مؤتمراً صحافياً مشتركاً استهلّه الوزير باسيل بالقول: "كان الإجتماع مناسبة لتقييم العلاقات الودية الممتازة بين بلدينا. تحظى سويسرا بسمعة ممتازة في الأوساط السياسية اللبنانية بمختلف مكوّناتها، بناء على التعلّق التاريخي لسويسرا بالديموقراطية التي نعتبرها في لبنان مصدراً ضرورياً وأساسياً للشرعية لكلّ قيادة مدعوة الى الإلتزام بمسؤولياتها في هذه الاوقات الحرجة. وكذلك فإنّ ديبلوماسية سويسرا الموضوعة في خدمة السلام تحرص على الدفاع عن مجتمعاتنا وحضاراتنا. هذا فضلاً عن سياسة خارجية قائمة على مسافة واحدة من مختلف الأفرقاء السياسيين في لبنان والمنطقة، ثمّ الحيادية التي هي عنصر مهم يُسمّى بالأعجوبة السويسرية. في الوقت نفسه، إنّ المقاربة الواقعية تُظهر أنّ الحيادية ليست جيدة للإستخدام أينما كان وفي كلّ الأوقات، والدليل أنّ عدداً قليلاً من الدول يعتمدها. إنّ الحيادية، في الواقع هي خيار سياسي خارجي، لا يمكن أن يولد من العدم، وهذا الخيار يقوم على شرطين أساسيين:
أولاً، تفاهم واسع على المستوى الداخلي بين مختلف الافرقاء السياسيين ومكوّنات الشعب.

ثانياً، مناخ جغرافي- سياسي إقليمي ودولي مناسب.

 أمّا في لبنان فلطالما ارتبطت القوى السياسية بعلاقات مع قوى إقليمية وخارجية، وهذا ما أبعدها عن الحيادية وحجبت عن الشعب اللبناني ثقافة الحياد الحقيقي. كذلك فإنّ اللامركزية لم تُطبّق في معناها الواسع، ويصعب علينا في هذه المنطقة التي تشهد الصراعات، أن نكون حياديين وأن نقول ان الصراعات التي تحيط بنا لا تعنينا، كما أنّ لبنان واقع في منطقة مقلقة أصبحت مسرحاً لصراع القوى الاقليمية والدولية، ويصعب على بلد صغير مثل لبنان أن يعلن حياده من دون أن يكون هناك ضمانات ملائمة من قبل القوى المؤثّرة في الشرق الأوسط، من دون التوافق الداخلي. إنّ لبنان يواجه تحديات وجودية، ولا يمكنه تطبيق الحيادية بشكل أعمى والتي قد تقوده الى ذوبان هويته وحدوده. كذلك فإنّنا نكرّر إلتزامنا بسياسة الحياد والنأي بالنفس عن الصراع السوري، من دون أن ننكر آثاره المدمّرة على الوضع في لبنان".

تابع: "إنّ الارهاب الأعمى يضرب من دون أي تفريق في بيروت وطرطوس وبروكسل وباريس وانقرة ولندن وموسكو والقاهرة، والضحايا المدنيون مهما كانت جنسياتهم لا يمكن أن نعتمد إزاءهم الحياد، فكيف نكون حياديين عندما تفكّك الموجات المكيافيلية والإرهابية مجتمعاتنا، بل على العكس فإنّه بمواجهة إرهاب "داعش" و"النصرة"، علينا أن نعمل في وجه هذا الإرهاب لا أن نكون حياديين".

وقال الوزير باسيل: "كذلك إنّ أزمة النازحين على أرضنا تخلق جوّاً من القلق والخوف، فلبنان يستقطب اليوم أكبر نسبة من النازحين، ولدينا هذا الإنطباع المحبط بأنّ الحالة في سوريا حتى مع تحسّنها، لن تقود بشكل تلقائي الى عودة النازحين الى بلادهم. كما أنّه مع استمرار الصراع في سوريا ستُصبح الأزمة الإنسانية مأساة بحدّ عينها، إنّها ليست نتيجة الصراع الطائفي، وليست عارضاً من أعراض المجتمع أو الشرّ الذي تعاني منه المنطقة، بل ستصبح برميل بارود يُهدّد بالقضاء على المجتمعات بأكملها. نحن نشكر الأسرة الدولية لدعمها ولكننا نستنكر أنّها فقدت معناها فيما يتعلّق بالتضامن، ومبادئها الإنسانية كذلك. نحن نرى دولاً تبحث بشكل آحادي عن النأي بنفسها عن الأزمة وتستفيد منها طالما لم يُهاجر النازحون الى أراضيها، ولا تأبه بانتشار الإرهاب ما دامت أراضيها بمأمن. هذا التصرّف غير مقبول أخلاقياً ولا إنسانياً، بل إنّه أمر مؤسف، إذ تظنّ هذه الدول أنّها تخمد النيران، وهي في الواقع توقظ بركاناً في مكان آخر".

وختم وزير الخارجية: "نحن في لبنان نأمل أن يكون لدينا أدوات للحيادية الإيجابية والإستباقية والمؤثّرة، وهي تحتاج الى حشد كلّ شبكات تعاوننا، والمساعدة المتبادلة على المستوى الدولي التي سوف تُسلّط الضوء على هذه القيمة المضافة للبنان، وعلى ملاذ السلام والتسامح والتعددية في عالم يغلي. نحن نعتمد على سويسرا لنقل هذه الرسالة والمحافظة على بلادنا، لكي يبقى لبنان رسالة للمجتمع الدولي".

بدوره، قال بورخالتر: "جئت الى لبنان باسم حكومتي وباسم الشعب السويسري للمرة الثانية، وبشكل مختصر هذه المرة، وذلك من أجل سببين إثنين: أولاً، لأعبّر عن إعجابي بصمود لبنان وشجاعته لا سيما أنّه يمرّ بمرحلة صعبة جداً وسط الصراعات الدائرة وهو يحاول التكيّف مع هذه الأزمة، مع الحفاظ على قيمه، وهي المشاركة والعيش المشترك. ونحن في سويسرا نفهم ذلك جيداً لأنّها هذه هي القواعد التي بنيت عليها سويسرا أي أن نتشارك أوجه الإختلاف على المستوى الثقافي والاجتماعي وسوى ذلك، ويمكن لهذا النموذج أن ينجح إذا ما أردنا ذلك".
أضاف: "إنّ سويسرا ليست بلداً حيادياً في مواجهة الإرهاب، إنّما هي لا تتدخّل في حرب بين دولتين. في هذه الأيام، لدينا على سبيل المثال، مساعدات إنسانية ستُرسل الى أوكرانيا، وسويسرا هي الدولة الوحيدة التي سوف تُقدّم المساعدات والتقنيات بهدف حصول المواطنين فيها على المياه العذبة، في كلتا الجهتين القائمتين على خط التماس. ونحن نحاول أن نُترجم هذه الحيادية بشكل فعّال، ونستخدمها لمصلحة السلام، وقد أردت ثانياً زيارة لبنان لأطّلع على المشاريع الفعلية التي تدعمها سويسرا مع شركاء آخرين، ومنظمات لبنانية وغير لبنانية من أجل إنشاء الرابط بين القمّة الإنسانية لا سيما بموضوع الشباب. نحن نودّ القيام بمشاريع خاصة بالشباب في المناطق التي تعاني من توتّرات بشكل خاص، وهذا يُعطي الأمل لهؤلاء. وفي هذا الإطار أودّ أن أحيي الإرادة اللبنانية لتعزيز العلاقات الثنائية مع سويسرا، وأن أشيد كذلك بالعلاقات المميزة والتعاون بين بلدينا، وقد وقّعنا مذكرة تفاهم بين الدولتين، ويجب أن نُترجم هذا الحوار السياسي بطريقة فعّالة، على سبيل المثال، برامج لمكافحة الإرهاب".

وكان التقى الوزير باسيل وزير شؤون اللاجئين السوريين في بريطانيا وشمال إيرلندا ريتشارد هارينغتون، وهو أول وزير تعيّنه بلاده لشؤون اللاجئين. وخلال اجتماعه مع الوزير باسيل أبدى هارنغتون تفهمّاً لموقف لبنان من موضوع النازحين، ودعم مشروع "ستيب" الذي أطلقته وزارة الخارجية بشأنهم.

ثم استقبل الوزير باسيل سفير فنلندا ماتّي لا سيللا مع وفد من سفراء بلاده المعتمدين في دول المنطقة والمشرق مثل السعودية والأردن وسواهما، كما من أفريقيا الشمالية، فضلاً عن سفراء هلسنكي.
وقال لا سيللا بعد اللقاء: "استمعنا الى عرض من الوزير باسيل عن المشاكل السياسية التي تعاني منها المنطقة، وتأثير أزمة النازحين السوريين على لبنان. وقد فهمنا أنّ الوضع بالنسبة لبلدكم ليس سهلاً في هذا الإطار، وهو لا يتطوّر ويتحسّن. إنّ فنلندا هي الدولة الرابعة في الإتحاد الأوروبي لجهة استقبال النازحين السوريين إذ يبلغ عددهم 36 ألف نازح . لقد جئنا الى لبنان للإطلاع على ما يعانيه لبنان ولتقديم الدعم والمساعدة له. علماً أنّ فنلندا تُشارك في قوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان".
 

  • شارك الخبر