hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

الشاعرة الأرمنية صونا فان وقعت كتاب "ليبريتو للصحراء" في مئوية الإبادة

الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٦ - 13:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقام مكتب التعليم والدراسات الأرمنية التابع لكاثوليكوسية الأرمن لدار كيليكيا -أنطلياس، ندوة عن الكتاب الشعري للشاعرة الأرمنية صونا فان بعنوان "ليبريتو للصحراء" (المهدى للذكرى المئوية للإبادة الجماعية الأرمنية) - ترجمة وتقديم تيكران كابويان ونشرته الكاثوليكوسية، في قاعة متحف الكاثوليكوسية في أنطلياس، في حضور عدد من الفاعليات الثقافية والروحية الأرمنية واللبنانية.

بعد تقديم للكاتبة والكتاب من رئيس مكتب الدراسات الأرمنية في الكاثوليكوسية جيرار دانييليان، شرح مترجم الكتاب تيكران كابويان حيثيات تقديم النسخة العربية للمجموعة الشعرية "ليبريتو للصحراء"، مشيرا الى أن الكتاب "إهداء إلى الذكرى المئوية للإبادة الجماعية الأرمنية وهو نشر بلغات عديدة وفي بلدان مختلفة". وقال: "إن نقل مأساة الإبادة الأرمنية عن طريق الشعر يعتبر تجربة إبداعية فريدة من نوعها، والشاعرة صونا فان (التي تعتبر كاتبة ذات مسيرة أدبية طويلة ومكانة مرموقة في العالم الأدبي) تخوض بنجاح غمار هذه المهمة الصعبة ولكن الأساسية في نفس الوقت، حيث تتقابل الضرورة الإبداعية للكتابة عن أفظع الحالات الإنسانية للألم والمعاناة مع الرسالة الأدبية ذاتها-المتمثلة بالمحاولات غير الوافية أبدا في "إجلال المعاناة بغية التغلب على المعاناة نفسها وتصفية أسبابها".

أضاف: "ويتمثل كل من الحوار الوجداني، الشاعرية العامة والرسالة الأدبية في "ليبريتو للصحراء" للقارئ العربي، بصور ورموز شتى، أهمها بادية دير الزور ووقائع الإبادة الأرمنية وخريطتها الروحية. هذه الوقائع تكون تارة القالب للثقافة المتشاركة بين الأرمن والعرب وطورا المذكر للتاريخ الموحد للشعبين. "ليبريتو للصحراء" لصونا فان ضمن متابعته لروح الشهادة والمآسي يحاول بالتأريخ الشعري أو بالشعر المؤرخ صياغة الحكاية الأبدية للظلم، الإستبداد والألم الإنساني وهو يمر في الواقع والتجربة العربيتين وهذا ما يجعل إبداعيته إضافة وجدانية للشهادة العربية على الإبادة الجماعية الأرمنية من جهة ومن جهة أخرى يجعله ساردا أدبيا-اجتماعيا للرسالة الإنسانية للأرمن والعرب".

وتوقف عند ترجمة المجموعة الشعرية السادسة عشر للغات: التركية، الروسية، الجورجية، الألمانية، الانكليزية، الفرنسية، الأوكرانية، الفارسية، العربية وأخيرا اليونانية.

وبعد تلاوة الأب تاتول كارداناكيان قصائد عدة من الكتاب أجرى الشاعر عبدو لبكي قراءة في ديوان الشاعرة صونا فان "حكاية العروس التي فستانها من حرير الألم"، وقال: "أمام ما يحدث اليوم في العالم، تكونت لدي قناعة يصعب علي أن أتنكر لها، وهي أن الأيدي العابثة بالتاريخ، تعبث أيضا بصورة الله في الوجدان البشري. أمام الفظاعات والحروب العبثية، أمام القتل الجماعي، وإبادة الشعوب المؤمنة بأن الله خير مطلق، ينتابني شعور بأن في هذه الدنيا الفانية، من يقسم الإنسان إلى نصفين، زارعا زؤان الشر في تربة الخالق وترابه، لكي تعم "سكيزوفرانيا" الخراب جميع الكائنات. إنها صورة سوداوية حقا، ولكن، من غير الشعراء قادر على رؤيتها، ومن ثم على رسمها، لتظهر جلية وإن مجلببة بجمال الشاعرية".

وعن الشاعرة قال: "بعينين لعلهما الأكثر حرصا على دقائق المشهد، تتنقل الشاعرة لاستيعاب الكليات، مستوحية الجزئيات بدلالاتها، ورابطة إياها بمشاعر دفينة وموروثة.

وأشار الى أن "الكرامة الإنسانية هاجس الشاعرة، ولعلها غير منفصلة عن الذات، وعن الوجود، فهي لا ترى الإنسان بعين فارغة، بل بعين يملؤها الدمع على الوضع البشري المزري، إلا أنه دمع غير منكفئ على نفسه، بل هو متصاعد إلى القمم، حيث الملائكة تشدو ترانيمها في الهياكل، بعيدا عن جحيم العالم المتأجج.
ولا تخرج الشاعرة عن واقعيتها المادية، محاطة بالأشياء، كما لو أن حركة تظهر على مسرح الحياة أو شيء مرتبط بالحاجات الدنيوية، يشكل طقسا من طقوس الألم الروحي. هكذا يتآخى أحمر الشفاه وبندقية القتل، وتتمازج القهوة والحرب وكذلك الشجرة المسالمة والدم".

ثم ألقى المحاضر الجامعي جان سالمونيان مداخلة عن الترجمة متناولا دور المترجم قائلا: "دور المترجم لا يقتصر فقط على نقل النص من لغة الى أخرى بل عليه أن يفسره ويوضحه ويبينه. وبمعنى آخر على المترجم أن يغوص في عمق معاني الجمل لتأتي ترجمته انعكاسا حقيقيا وصحيحا للمعاني الواردة في النص الأصلي".
أضاف: "الترجمة هي جسر للعبور للتعرف على أديان وحضارات وثقافات مختلفة أو للاطلاع على علوم واختراعات الشعوب الأخرى".

وأشار الى أن " ترجمة النصوص العلمية والأدبية والفلسفية وغيرها من العلوم اليوم الى لغات مختلفة هي مفتاح العولمة لأن بواسطتها تنتشر المعرفة والثقافة بين عامة الناس".


وقال: "إن الكنيسة الأرمنية الأورثوذكسية تكرم المترجمين الأرمن الذين قاموا بترجمة الكتاب المقدس والصلوات والمؤلفات الكنسية باحتفالات دينية خاصة في "عيد المترجمين". بهذه المناسبة تقيم الكاثوليكوسية سنويا معرضا للكتاب بمشاركة عدد كبير من المؤسسات والأفراد الذين يتعاطون مهنة طباعة الكتب الدينية والتربوية والثقافية والتاريخية والكتب الترفيهية للأطفال".

كلمة الختام كانت للكاتبة فقالت: "هذه المرة الأولى التي أشارك في ندوة حول ترجمة كتابي الى لغة لا أفهمها. بعد سماعي اللغة العربية شعرت بقرب هذه اللغة مني وبتقارب موجود بين العرب والأرمن".

أضافت: "لكأن الترجمة لم تعد مهمة لأن الكلمة ذهبت الى مستوى آخر وأخذت بعدا آخر، غير أن الترجمة تجعل الشعوب قريبة من بعضها البعض ما يجعل العالم أكثر سلاما وانسجاما".

وأوضحت أن بطلة ديوانها الشعري هي عمتها "التي كانت ضحية من ضحايا الابادة وكانت كأي بنت تحلم بأن تكون عروسا"، مهدية الكتاب "الى الفتيات اللواتي سلبت منهن أحلامهن".

وقالت: "نحن نعرف أن الله واحد لكن مقاربتنا له مختلفة وهذا ما يخلق المشاكل. فالله خلق الانسان على صورته لكن الديانات تخلق الله بأشكال مبتدعة. وكأن من الأفضل أن نعتمد على عدم درايتنا بالله أكثر من هذه الدراية التي تؤدي الى نشوب صراعات بين الشعوب".

وأردفت: "كلنا نعرف أن الله غير ملموس لأنه روحي ولكن في الوقت ذاته نعيش وكأننا نراه ونتكلم عنه بطلاقة. والانجيل يعتبر الكلمة أساس الوجود والكلمة هي الله، وهذا الأمر بمثابة مديح للشاعر نفسه لأن المادة الأساسية للشعر هي الكلمة".

وإذ اعتبرت أن "الحرب الحاصلة اليوم مؤسسة على الصراع القائم بين الشخص الانساني بصورته الالهية والصورة الغريزية"، قالت: "اذا نجحنا في التركيز على الجانب الروحاني والقضاء على الشيطان الموجود داخلنا سيصبح العالم أفضل. صورة الصراع بين الخير والشر التي تنطبق على عالمنا اليوم تحتم علينا أن نقول كلمة جريئة وصادقة وأن نكافح من أجل السعادة الحقيقية لأن السعادة المقدمة لنا هي مزيفة".

وأخيرا، قرأت قصيدة مهداة الى دير الزور وختمت الندوة بتوقيع الكتاب.

إشارة الى أن الشاعرة صونا فان ( دير هوفانيسيان) ولدت في يريفان، وهي مقيمة في كاليفورنيا منذ عام 1978. نالت شهادة الماجستير في الطب العيادي والنفسي من الجامعة الأمريكية وهي طبيبة نفسية. مؤسسسة المجلة الأدبية-النقدية "نارسيس" في يريفان التي تنشر من عام 2006 ولها تسع مجموعات شعرية.
 

  • شارك الخبر