hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

الراعي: لبنان أدخل مفهوم الديمقراطية والإنفتاح على قيم الحداثة

الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٦ - 22:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

برعاية وحضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، احتفلت "الكوليج ايليزيه" - الحازمية بتخريج طلابها للعام 2016، في قاعة رويال البيال.

حضر الحفل الوزير السابق وليد الداعوق، النائب السابق غطاس خوري، مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد كميل ضاهر، نائبة رئيس مؤسسة الوليد بن طلال ليلى الصلح حمادة ورجال دين وتربويون واهالي الطلاب.

بداية دقيقة صمت عن روح مؤسس المدرسة الراحل ايلي مسلم، ثم النشيد الوطني اللبناني وكلمة لاحدى الطالبات السابقات في المدرسة سيلين خوري، اشادت فيها "بالبيت التربوي الذي تربت فيه وكان النور للطريق الذي ساعد ويساعد الطلاب"، وتمنت "ان يكونوا سفراء لمدرسة الاليزيه ويحملوا المباديءالتي تعلموها من ايلي مسلم".

خداج
وكانت كلمة للمدرسة القتها رولا خداج فاعتبرت "التخرج والاحتفال تحديا لكنه لا يضاهي الوقوف امام الحضور". وعادت بالذاكرة "الى دور ايلي مسلم في وضع اسس التعليم الصحيح الذي مهد للنجاح والتفوق وعاهدت بالاستمرار في مسيرته".

والقت ابنة الرحل ومديرة المدرسة ربى مسلم سماحة كلمة نوهت فيها "بحضور البطريرك الراعي الذي بارك الاحتفال"، وتمنت "ان يذكر المدرسة ومؤسسها في صلواته". واعتبرت "ان التخرج هو الحصاد الذي اينع وكان نتيجة الزرع الذي زرعه الاساتذة والطلاب وعاونهم الاهل"، وتمنت على "الطلاب ان يكونوا جاهزين للمزيد من النجاح"، وعاهدت على اكمال مسيرة والدها.

ثم جرى الاستماع الى مقاطع صوتية لمسلم

والقت ليلى الصلح حمادة كلمة اسفت فيها لغياب الصديق مسلم، وتوجهت الى البطريرك بالقول: "الراعي جامع الصف على طول الشتات مجد لبنان اعطي له فكيف ينساه ولكن اذا توانى فلنا عتب عليه...."، واكدت "ان لبنان رياض الصلح كان لبنان العيش المشترك اما اليوم فحكام لبنان امراء طوائف... اليوم سارق يحاكم سارقا ونازح يقاتل مواطنا والرئاسة جائزة للترضية... هذا صديق يرضي الجميع فرشحوه وهذا امني يفاوض على الجميع فانتخبوه وهذا اقتصادي يغطي الجميع فكافئوه....قل لهم سيدنا ان علو الاوطان قبل رفعة المناصب".

والقى البطريرك الراعي الكلمة الآتية:

1. يسعدني أن أشارك معكم في احتفال تخرج طلاب معهد الإليزيه الذي يحمل إسم المؤسس إيلي مسلم الذي غادرنا باكرا وعلى حين غفلة. فإني أحيي عائلته وبخاصة زوجته وابنتيه السيدة ربى مديرة الإليزيه، ونائبتها الآنسة سهر، كما أحيي كل الذين تكلمواقبلي، والمسؤولة عن العلاقات العامة السيدة غرازييلا التي كانت على تواصل دائم مع الكرسي البطريركي لإعداد هذه المشاركة.

2. أيها الخرِيجون والخريجات، إسم فوجكم "فوج إيلي مسلم 2016". وهو إسم في آن مؤثر لأنكم أول المتخرجين بعد وفاته، لكنه معز، وهو أيضا ملهم لأن إسم "إيلي مسلم" يوحي تربية الشخص البشري بكل ابعاده، فهو مرب مقتنع بأهمية التربية في المدرسة وضرورتها ليس فقط من ناحية العلم والمعرفة، بل أيضا وبخاصة من ناحية التربية على القيم الروحية والإنسانية والأخلاقية والوطنية. وكان صاحب خبرة تربوية واسعة لأكثر من ثلاثين سنة، مارسها وعاشها في مؤسسة الإليزيه التي احتلت مكانة رفيعة بين كبريات المدارس. أحب العلم ونقله إلى الأجيال، أحب الطلاب وأهلهم وساعد غير القادرين. تميز بمحبته وتواضعه. إن ذكره يبقى حيا في الخواطر والقلوب، وفي صدى مدرسته، بل في خاطركم وقلوبكم، أيها الخريجون والخريجات الخمسة والتسعون.

3. أود التعبير معكم عن الشكر والعرفان بالجميل للأسرة التربوية، التي هيأتكم لهذا اليوم الجميل الذي تنهون فيه مرحلة التعليم العام، وتنطلقون إلى بدء مرحلة جديدة من حياتكم. لقد زودتكم بالعلم والقيم الروحية والأخلاقية والوطنية، وهي بمثابة الأساس الذي تبنون عليه مستقبلكم. الشكر للادارة والهيئة التعليمية، بل لكل موظف وموظفة في هذه المدرسة التي احتضنتكم. والشكر والعرفان لأهلكم الذين اختاروا لكم هذا الصرح التربوي، وضحوا بدون حساب من أجل تعليمكم وتربيتكم، واليوم يفخرون بكم.

4. إني، إذ أهنئكم بتخرجكم، أهنئ أيضا المدرسة وأهلكم والمجتمع اللبناني الذي تضخون فيه دما جديدا مدركا، ومستعدا لمواجهة التحديات. نحن ندرك خيبات الأمل التي خلفتها فيكم الممارسة السياسية الشاذة عندنا، وهموم المستقبل التي تتآكلكم، ورغبات قلوبكم وأمنياتكم. لكن لبنان بحاجة إليكم، إلى سواعدكم، إلى فكركم ومعرفتكم، إلى علمكم وتطلعاتكم. فينبغي أن تكونوا كما يريدكم الوطنوتريدكم الكنيسة، حافز تجدد وطني وكنسي. ضعوا نصب أعينكم هدف خدمة لبنان في مؤسساته كلها.

5. لبنان صاحب قيمة ثمينة بالخصوصية التي يتميز بها وسط العالم العربي، بحكم موقعه على الضفة الشرقية من المتوسط، إذ كان دائما باب أوروبا إلى الشرق الأوسط، وباب المشرق إلى أوروبا، وقد لعب دورا أساسيا في النهضة الثقافية والعلمية. فأدخل مفهوم الديمقراطية، والإنفتاح على قيم الحداثة، والتعددية الثقافية والدينية، وقبول الآخر المختلف، وكرامة الشخص البشري، والحريات العامة، وحقوق الإنسان، والعيش معا بالمساواة بين المسيحيين والمسلمين والمشاركة المتوازنة في الحكم والإدارة، وبفصل الدولة عن الدين مع احترام عقائده. ولقد جسد هذه القيم في نظامه السياسي الديمقراطي المنظم في الدستور والميثاق الوطني.

هذا ما جعل البابا القديس يوحنا بولس الثاني يقول قولته الشهيرة: "لبنان أكثر من بلد، إنه رسالة ونموذج للشرق كما للغرب".

6. لقد تربيتم في هذه المدرسة على جمال وجه لبنان وطبيعته هذه، لكي تكونوا أنتم بناته العاملينللنهوض به من المعاناة التي يمر فيها بسبب سوء الممارسة السياسية، الخارجة عن طبيعتها كفن شريف لخدمة الخير العام الذي منه خير الجميع وخير كل إنسان، وبسبب تداعيات النزاعات والحروب الدائرة في المنطقة، سياسيا واجتماعيا وأمنيا.

7. المرحوم المربي "إيلي مسلم" أدرك كل هذه الأخطار التي آلمته. وزاد يقينا بأن المدرسة هي المربية الأساس اليومبين المربين الآخرين الذين إما استقالوا من واجب التربية، وإما أهملوه، وإما انغلبوا لتحدياته. فالعائلة، كمربية أولى وأساسية، فضلا عما يتآكلها من هموم أمنية ومعيشية، أضاعت في معظمها القيم التي كانت تتحلى بها في ما يختص بالمأكل والمشرب والملبس والمسكن، وباحترام الأولاد لأهلهم، وبالتمسك بالتقاليد العائلية والإجتماعية. وهكذا أصبح واجب الأهل في تربية أولادهم من أصعب ما يواجهون. والمجتمع المسؤول عن مكوناته ونموها في القيم الإجتماعية، أصبح مضروبا بالفساد على أكثر من صعيد، فلا يصون الأخلاق العامة والإستقامة في التعاطي والإخلاص في أداء الوظيفة.

والدولة التي تعلم وتربي من خلال مناهجها، تخلق في الوقت نفسه هوة سحيقة بين التعليم والممارسة، بسبب الفساد السياسي والمالي المستشري في مؤسساتها وإداراتها العامة، وبسبب سوء تعاطي السياسيِين فيما بينهم وفي أداء واجباتهم في المجلس النيابي والحكومة.

ووسائل الإعلام التي من واجب دعوتها أن تربي على الثقافة والفنون والقِيم الأخلاقية وعلى تكوين رأي عام سليم بشأن الأحداث والواقعات، نراها ويا للأسف تمتهن في معظمها الكذب وإذكاء النعرات وإثارة النزاعات والخلافات والتعدي على الكرامات، فضلا عن برامج وكتابات تافهة وعديمة الأخلاقية.

فإذا بالمدرسة، التي ما زالت تحتفظ بحريتها، تفرض نفسها حاجة ملحة لتثقيف أجيالنا الطالعة تثقيفا واسع الأبعادوالآفاق. إنها تنتزع دورها انتزاعا في خضم ما يعادي التربية على القِيم، وتواجه تحدي التربية على العقلانية واحترام كرامة الذات والآخر، وعلى إنماء شخصية الطالب والطالبة بأبعاده الأربعة:

أ- البعد العلمي بتوفير جودة التعليم والمعرفة والثقافة.

ب- البعد الروحي والأخلاقي بتربية الإيمان والممارسة، والتربية على القيم الأخلاقية.

ج- البعد الإجتماعي بالتربية على حسن العلاقات الودية مع الآخرين، وعلى الروح الإنسانية.

د- البعد الوطني بتوفير التنشئة على المواطنة بما تقتضيه من حب للوطن ومعرفة لتراثه وتنميته والإلتزام بخدمة الخير العام (راجع المجمع البطريركي الماروني، النص 16: :الكنيسة المارونية والتعليم العام"، 14-15).

8. شكرا لك، أيتها الأسرة التربوية في معهد الإليزيه، على هذه التربية التي توفرونها لطلابكم وطالباتكم، والتي تزودون بها هؤلاء الخريجين والخريجات. ولكم أيها الأحباء، مع تجديد التهاني بتخرجكم، نؤكد محبتنا لكم، وتقديرنا لطموحاتكم، وإدراكنا لصعوباتكم. لكن ثقوا بالمسيح الذي يقول لكم، كما للجميع: "سيكون لكم في العالم ضيق، لكن ثقوا، لا تخافوا، أنا غلبت العالم" (يو 16: 33).

مبروك تخرجكم، عشتم! عاشت مدرسة الإليزيه! عاش لبنان!

  • شارك الخبر