hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - شارل جبوّر

التسونامي المسيحي وحده الكفيل بإبقاء قرار زحلة في زحلة

الأربعاء ١٥ أيار ٢٠١٦ - 06:53

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تتركز كل الأضواء في الجولة الأولى للانتخابات البلدية على معركة زحلة، لأن اللائحة التوافقية في بيروت، وعلى رغم ما يعتريها من نقاط ضعف، لا تواجه معارضة جدية، فيما هدف اللوائح المواجهة لها لا يتجاوز تسجيل الأرقام وإثبات الوجود، فضلا عن ان اختراقها يعد بمثابة الكارثة بفعل التحالف السياسي الضخم الذي يظللها.
وقد اكتسبت معركة زحلة أبعادا سياسية منذ اللحظة الأولى بسبب إقفال السيدة ميريام سكاف أبواب التوافق من خلال رفعها سقف مطالبها لإفشال المساعي التوافقية وجر المدينة عن سابق تصور وتصميم إلى معركة سياسية تمهيدا لمنازلة تعتبرها مفصلية للأسباب الآتية:
السبب الأول لإثبات حيثيتها السياسية بعد وفاة زوجها الياس سكاف، وعلى رغم أحقية هذه الخطوة إلا انها بدت متسرعة أكثر من اللزوم، خصوصا ان أحدا لم يحاول تحديها او استفزازها، وبالتالي كان يجدر بها تقطيع الانتخابات البلدية بالتي هي أحسن تمهيدا لتنظيم صفوفها بعد رحيل زوجها، سيما ان المجلس البلدي الحالي الذي فشل فشلا ذريعا كان انتخب بدعم من المرحوم سكاف.
السبب الثاني لانتزاع موقعها داخل البيئة الكاثوليكية، حيث ان انتصارها الساحق يجعلها رقما صعبا داخل الطائفة، وهي بأمس الحاجة لانتصار من هذا النوع بغية إقفال باب التأويلات سريعا لجهة ان أصولها المارونية تحول دون ان تشكل بديلا عن زوجها او أولادها.
السبب الثالث لاستعادة موقع الزعامة في زحلة والذي تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وبالتالي وجدت في الانتخابات البلدية مناسبة لإثبات حضورها ودفع الجميع إلى التعامل معها كمرجعية أصيلة لا بديلة او مؤقتة.
السبب الرابع للدخول في الانتخابات النيابية من بابها العريض، لان انتصارها البلدي يعيد بيتها السياسي إلى صلب المعادلة النيابية الزحلاوية، ويجعلها في موقع من يركِّب اللوائح بدلا من ان تكون في موقع الملتحق في تلك اللوائح.
السبب الخامس لتعطشها إلى السلطة، إذ بدلا من ان تتسلق سلّم الزعامة درجة درجة، أرادت ان تقفز قفزة واحدة متجاوزة كل الصعوبات والمطبات والأسباب الموضوعية.
وتبعا لما تقدم، يمكن اختصار معركة زحلة بالمعركة الشخصية للسيدة سكاف لا أكثر ولا أقل، هذه المعركة التي لا علاقة لها بالبعد البلدي او الإنمائي او السياسي لزحلة، إنما مجرد معركة شخصية أرادت عبرها إثبات قوتها ومشروعيتها ولو على حساب المدينة وأهلها، كما إثبات بانها الأقدر على استعادة زعامة آل سكاف.
وأي متابعة لمجريات الاتصالات التي سبقت إعلان السيدة سكاف المواجهة تُظهر ان التوجه الغالب لدى معظم القوى المؤثرة في زحلة كان التوافق، هذه القوى التي اضطرت الدخول في المعركة بعدما وضعت أمام خيارين: إما الرضوخ والاستسلام لمشيئة سكاف، او المواجهة دفاعا عن قرار زحلة، خصوصا ان السيدة سكاف لم تتخذ قرارها إلا بعد ان انتزعت تأييد "حزب الله" و"المستقبل"، حيث ان الأصوات الشيعية والسنية كفيلة بجعلها تحسم المعركة إذا أحسنت استقطاب بعض التأييد المسيحي.
وهذا التقاطع بين "المستقبل" والحزب له ما يبرره لجهة توجسهما، كلٌ لاعتباراته، من انحسار الزعامة المسيحية بيد الثنائي الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون. وإذا كان الحزب يخشى لأسباب سيادية من إمساك جعجع مستقبلا بالقرار المسيحي، فإن "المستقبل" يخشى الأمر نفسه إنما لأسباب سلطوية، وبالتالي تقاطعا على دعم سكاف لإخراج زحلة من نفوذ الثنائي القواتي-العوني وكسر الثنائية المسيحية التي التقت مع "الكتائب" في زحلة ومكونات المدينة الفعلية.
وفي وقت يخوض الثلاثي الحزبي المسيحي معركة إبقاء قرار زحلة داخل زحلة، تخوض السيدة سكاف معركة شخصية بحتة، ويخوض "المستقبل" و"حزب الله" معركة كسر الثنائية الحزبية المسيحية، لأن كسرها في زحلة يكسر شوكتها عشية الانتخابات النيابية، ويمنع بروز حيثية مسيحية وطنية، ويُبقي القرار الوطني في يد الرباعي الإسلامي، ويوجه رسالة إلى المستقلين المسيحيين للحفاظ على تمايزهم السياسي عن هذه الثنائية، خصوصا ان الفترة التي أعقبت إعلان التفاهم في ١٨ كانون الثاني بدأت تشهد موجة انفتاحية للشخصيات المستقلة على الثنائية القواتية-العونية.
فالسيدة سكاف وفرّت بهذا المعنى الأرضية لاستهداف القرار المسيحي-الوطني في زحلة، وإذا كان أحدا لا يتوقع منها غير ذلك لكون أهدافها محض مصلحية وذاتية ولا علاقة لها بالوجع المسيحي والقضية واستعادة الفعالية المسيحية الوطنية، فإن الأحزاب المسيحية الثلاثة التي كان احب إلى قلبها التعاون مع السيدة سكاف واحتضانها مضطرة إلى كسرها ليس لشخصها، إنما للقوى التي تقف خلفها وتعتزم تسديد رسالة سياسية ضد الأحزاب المسيحية في محاولة لإخضاعها وتركيعها في قلب المدينة التي شكلت عنوانا للمقاومة والصمود ضد رسائل من هذا النوع.
ومن هنا تكتسب معركة زحلة أهمية استثنائية لانها بين من يريد ضرب الفعالية المسيحية في مهدها كي لا يستعيد المسيحيون شراكتهم الوطنية، وبين من يريد استرداد الدور، الذي ضربه الاحتلال السوري من أجل إدامة احتلاله، كمقدمة لاستعادة التوازن الميثاقي المنصوص عليه في الدستور والذي يعيد لبنان "وطن الرسالة".
وفي موازاة كل ذلك لا يمكن التقليل أيضاً من البعد الإنمائي للمعركة، إن لجهة ان المجلس البلدي السابق الذي وصل على رافعة آل سكاف حقق رقما قياسيا بالفشل، او لناحية ان السيدة سكاف ضمت حوالي ١٠ أعضاء من المجلس المنتهية ولايته إلى لائحتها الانتخابية البلدية، او لجهة ان رئيس لائحة "إنماء زحلة" المهندس أسعد زغيب هو عنوان للثقة والاحتراف والنجاح، كما ان كل أعضاء اللائحة يجمعون بين الخبرة والكفاءة وبين تمثيلهم لتاريخ المدينة وحاضرها ومستقبلها.
فلكل ما تقدم من أسباب وغيرها وحده التسونامي المسيحي في زحلة قادر على إسقاط كل محاولات ضرب الفعالية المسيحية الوطنية، وإبقاء قرار زحلة في زحلة، وانتخاب المجلس البلدي الذي يمثل تطلعات المدينة وأهلها.
 

  • شارك الخبر