hit counter script

مقالات مختارة - خيرالله خيرالله

المغرب يربح الجولة

الإثنين ١٥ أيار ٢٠١٦ - 07:23

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الراي

يعكس القرار الأخير الذي اتخذه مجلس الامن التابع للامم المتحدة في شأن الصحراء المغربية رغبة اميركية واضحة في ابقاء هذا النزاع معلّقا، اقلّه في المدى المنظور. افشل المغرب قدر المستطاع المحاولات الاميركية الهادفة الى ابتزازه. الاهمّ من ذلك انّه قطع الطريق على ذهاب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بعيدا في جعل القرارالصادر عن مجلس الامن وسيلة ضغط على المغرب. ربح المغرب الجولة، من دون ان يعني ذلك ان اعداءه لن يعاودوا الحملة عليه قريبا.

من النقاط الايجابية في القرار الصادر عن مجلس الامن، اضافة الى عدم تعديل مهمات «مينورسو»، ربطه بين الوضع في الصحراء والاستقرار في منطقة الساحل التي تحوّلت مصدرا للارهاب في ظلّ النشاطات التي تمارسها الاداة الجزائرية المسمّاة جبهة «بوليساريو». اعتبر القرار انّ من شأن التوصّل الى حلّ سياسي في الصحراء وتعزيز التعاون بين الدول الاعضاء في اتحاد المغرب العربي «المساهمة في تحقيق الامن والاستقرار في منطقة الساحل».

تكمن المشكلة في انّ الحلّ السياسي في الصحراء موجود، بل في متناول اليد، في حال كانت هناك رغبة فعلية في تحقيق الامن والاستقرار في منطقة الساحل. لكنّ الواضح ان الادارة الاميركية ترفض رؤية الامور على حقيقتها وتستخدم بان كي مون من اجل بقاء حال عدم الاستقرار سائدة في المنطقة خدمة لمآرب معيّنة.

قبل كلّ شيء، هناك الطرح المغربي المتعلّق بالحكم الذاتي الموسّع للصحراء في اطار قرار متخذ يقضي باعتماد اللامركزية (الجهوية) في كل محافظة من المحافظات المغربية. الاهمّ من ذلك كلّه، ان ما يطرحه الامين العام للامم المتحدة، في شأن الاستفتاء، يمثل الطريق الاقصر لبقاء نزاع الصحراء، وهو نزاع مغربي ـ جزائري مستمرّ الى ما لا نهاية. يخدم هذا التوجّه المريب اهدافا ليست معروفة باستثناء ابقاء الصحراويين الموجودين في مخيمات تندوف الجزائرية في سجن كبير والمتاجرة بهم وبقوتهم. هؤلاء يعيشون في مخيّمات تصلها مساعدات من الخارج، خصوصا من جهات اوروبية. هناك وثائق تؤكد انّ هذه المساعدات باتت باب رزق لبعض القيادات في «بوليساريو» بالتواطؤ مع جهات جزائرية تعتاش من تأجيج النزاع من جهة وتجاهل الحلّ العملي المطروح من جهة اخرى.

لم يكن المغرب يوما ضدّ ممارسة بعثة الامم المتحدة في الصحراء (مينورسو) نشاطاتها. على العكس من ذلك، قدّم لها دائما كلّ التسهيلات المطلوبة. ركّز المغرب دائما على حماية حقوق الانسان في كلّ محافظة من محافظات المملكة. من اساء الى بعثة الامم المتحدة وحمل المغرب على اتخاذ اجراءات معيّنة تجاه «مينورسو» هو بان كي مون الذي وصف الوجود المغربي في الصحراء بانّه «احتلال». كيف يمكن لبلد يمارس سيادته على ارضه، بعد زوال الاحتلال الاسباني في العام 1975، ان يكون سلطة محتلة؟

تلتقي الادارة الاميركية الحالية مع الامين العام للامم المتحدة، الذي تشارف ولايته على نهايتها، عند العداء للمغرب. هل هذا عائد الى انّ المملكة واحة الاستقرار الاخيرة في منطقة شمال افريقيا؟

ليس مستبعدا ان يكون الامر كذلك. من يحدّد مهمّة «مينورسو» في تنظيم استفتاء، انما يبحث عن مهمّة مستحيلة لا اكثر. من يحقّ له المشاركة في الاستفتاء؟ هل محمد عبد العزيز زعيم «بوليساريو» مواطن مغربي ام لا؟ لو لم يكن مواطنا مغربيا لما كان والده خدم في الجيش المغربي برتبة صفّ ضابط...

في كلّ الاحوال، استطاع المغرب ممارسة ضغوط واستخدام صداقات من اجل تعديل النصّ الاصلي لمشروع القرار الذي قدّمه الوفد الاميركي. اكتفى القرار، كما صدر، باعتماد لهجة مخففة بالنسبة الى مراقبة تنفيذ القرار. فبعدما مدّد المجلس لـ«مينورسو» سنة، شدّد على «الحاجة الملحّة» الى «استعادة مينورسو كامل نشاطها».

يمارس المغرب بكل بساطة سياسة الدفاع عن النفس من دون ان يعني ذلك ايّ تهاون عندما يتعلّق الامر بالدفاع عن سيادته. لن تجعله الادارة الاميركية ولا مناورات بان كي مون يتراجع قيد انملة عن حقوقه في الصحراء وغير الصحراء.

تراجعت الادارة الاميركية وافشلت معظم الدول الاعضاء في مجلس الامن مناورات بان كي مون. المفارقة، ان المعركة الاخيرة التي خاضها المغرب في مواجهة الساعين الى النيل من ترابه الوطني جاءت بعد ايّام قليلة من انعقاد القمّة المغربية ـ الخليجية في الرياض وخروجها ببيان يؤكّد الترابط بين الامن الخليجي والامن المغربي، فضلا عن وقوف دول مجلس التعاون مع المغرب، من دون لبس، في شأن كلّ ما له علاقة بقضية الصحراء المفتعلة.

في النهاية، تتقدّم القافلة المغربية من دون التفات الى خلف والى المزايدين. لم تجد الجزائر ما تردّ به على الموقف الخليجي من الصحراء المغربية سوى ارسال وزير من الدرجة العاشرة الى دمشق لمقابلة بشّار الاسد. يريد النظام تاكيد انّه شريك في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري... نكاية بدول الخليج. هذه هي السياسة الجزائرية القائمة على التدخل في شؤون الآخرين بطرق ملتوية، كما يحصل في الصحراء، او عبر دعم انظمة مجرمة مثل النظام السوري.

نسي النظام الجزائري، او تناسى، ما قدّمه المواطنون السوريون للثورة الجزائرية. يبدو انّه آن اوان مكافأة الشعب السوري على تضحياته من اجل الجزائر قبل استقلالها. يتمّ ذلك عبر مشاركة ايران وروسيا في حرب الابادة التي يتعرّض لها هذا الشعب!

في حال كان هناك حرص لدى الامين العام للامم المتحدة او لدى ادارة باراك اوباما على اهل الصحراء، في استطاعة الجانبين تذكّر امرين. الاوّل ان الصحراويين موجودون في كل المنطقة الممتدة من موريتانيا، على المحيط الاطلسي، الى جنوب السودان، على البحر الاحمر. هذا الشريط الصحراوي يمرّ بالجزائر. لماذا لا تتبرّع الجزائر بقطعة من اراضيها الشاسعة وتقيم دولة لصنيعتها، اي لـ«بوليساريو»؟

امّا الامر الثاني، الذي يفترض بادارة اوباما وبان كي مون تذكّره، فهو انّ قضيّة الصحراء كانت دائما نزاعا مغربيا ـ جزائريا. تسعى الجزائر الى توفير ممر لها الى المحيط الاطلسي وذلك عبر اقامة كيان يكون جرما يدور في فلكها في الاراضي المغربية. سعى المغرب في كلّ وقت الى محاولة افهام الجزائر ان مثل هذا الممر ممكن ولكن في اطار المحافظة على السيادة. كان ردّ الجزائر في كلّ وقت، باستثناء بعض سنوات حكم الشاذلي بن جديد، انّها تريد كلّ شيء... او لا شيء.

يظلّ السؤال هل من يريد حلا وتسوية يحميان الصحراويين ام المطلوب استمرار حرب الاستنزاف التي تشنها الجزائر على المغرب بغرض الهرب من مشاكلها الداخلية المستعصية؟

هذا هو السؤال الذي يفترض في ايّ متعاط في قضية الصحراء الاجابة عنه. كلّ ما تبقى تفاصيل. الحلّ موجود. انّه الطرح المغربي في شأن الحكم الذاتي الموسّع في اطار اللامركزية. والحلّ ايضا في خلق اطار جديد للمفاوضات، اي مفاوضات مباشرة بين المغرب والجزائر. ولكن هل تسمح عقدة المغرب التي تتحكّم بالنظام الجزائري في الاقدام على مثل هذه الخطوة الشجاعة التي تعني قبل كلّ شيء مواجهة الحقيقة والواقع بدل الهرب منهما؟

  • شارك الخبر