hit counter script

باقلامهم - الأب أثناسيوس شهوان

باسم الانفتاح وقبول الآخر... وباسم الشراكة والتلاقي

السبت ١٥ نيسان ٢٠١٦ - 05:50

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

باسم الانفتاح وقبول الآخر، وباسم الشراكة والتلاقي والأخوّة، وباسم الحرية وتحقيق العدالة والمساواة، وباسم السلام وعدم الإرهاب والتكفير، وباسم الثقافة والعلم والحضارة، وباسم الإنسانية وحرية المعتقد والأديان، وباسم التطور والتقدم وعدم الرجعية، وباسم العلمانية واللادين، وباسم عناوين لا تحصى ولا تعد يقحمونك بمحدودياتهم يا إلهي!
باسم كلّ هذا يعادلونك بغيرك يا خالقي!، وباسم زواريب ضيّقة يساوونك بالأخرين يا مخلّص!
يجعلونك دينًا وأنت الله، يجعلونك طائفة وأنت تطوف بمحبتك اللامتناهية فوق كلّ الكون، يجعلونك نبيًّا وأنت الذي تحققت فيك كلّ النبوءات، يجعلونك مشرّعًا وأنت الذي وضعت الشريعة والناموس.
يبتغون المحبّة وأنت الذي بذل ذاته طوعًا على الصليب. يطالبون بالمساواة وأنت الذي علّمتنا صلاة الأبانا. يريدون العدالة وأنت الذي نصر المظلوم وكان أكثر المظلومين. يسعون للمساواة وأنت الذي خلق الرجل والمرأة وأعطاهما الكرامة الإلهيّة نفسها. يبحثون عن السلام وأنت الذي بطبيعته إله كامل تنازل ليتّحد بالإنسان اتّحادًا كاملاً. يبحثون عن الألقاب وأنت جمعت الألوهة بالبشرية لنرتقي السماوات. يطلقون الشعارات وأنت الذي قلت اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كلّ الأيّام إلى انقضاء الدهر.
ما أجمل أن يكتشف المرء معنى كلمتي ابن الله وابن الإنسان، ولا أحد سواك جمع الإثنين في شخصه: الأولى لأنّك ابن الطبيعة الإلهية الكاملة، والثانية لأنك ابن الطبيعة البشرية الكاملة.
لا يعرف من يرفضك أنّك أنت هو مبتغاه ويسخّفك بتصرّفات ضعيفة تصدر عن بعض من يتكنّن بك.
ألا يدري الذي يساويك بغيرك أن سيرتك ليست مثل سائر البشر؟ ولا أفعالك مثل سواك؟ ولا أقوالك مثل أقوالهم؟ ولا بشارتك مثل سواك؟ ولا خلاصك عند سواك؟ ولا محبّة إلا فيك؟!
لا، ليست المعرفة أن نحدر مصدر المعرفة إلى مستوى الباحثين، وليست الثقافة أن نساوي الذي أوجد العقل بمن نسمّيهم عقلاء، وليس الفهم أن لا نميّز بين الخالق والمخلوق وبين غير الترابي والترابي.
أمام عظمة تواضعك يا يسوع تسقط الألقاب كلها، ويبقى لنا أن نكتشف ما حققته أنت.
الموت انتهى بقيامتك والظلام تبدّد بنورك.
المسافات أُلغيت بتجسّدك، وما نفع المحبة من دون اللقاء والتجسّد؟ وما معنى الفداء لو لم تسلّم ذاتك للصلب بملء إرادتك وتقمنا معك بسلطان قوّتك؟
يا رب، عندما أصبحت إنسانًا علمتنا كيف نصلّي، وبرهنت لنا وأنت على الأرض أنّه لا يمكن لأيّة تجربة أو أي ضيق أن يتغلّب علينا إن اتحدنا بك.
يا ربي يسوع المسيح يا إلهي ومخلّصي، كلّ مطالب العالم والشعوب تتلخّص باسمك " يسوع" أي "يهوه يخلص"، الذي معناه: "الكائن الذي هو من ذاته والذي لم يوجده أحد هو يخلّص".
قد يصعب علينا يا إلهي أن نفهم كيف لله أن يصير إنسانًا ويبقى في الوقت نفسه إلهًا، كما قد يكون ثقيلا على فهمنا أن نعي كيف تموت بطبيعتك البشريّة وفي الوقت نفسه لا تموت بطبيعتك الإلهيّة، ولكن ليس صعبا عليك أن تفعل ذلك. فهل ما يعصى عليك وأنت الله الخالق الذي أراد لمحبّته اللامحدودة أن يتّحد بالإنسان؟
قد يكون عسيرا على عقلنا المحدود أن نفسّر كيف أنّك إله واحد في ثلاثة أقانيم آب وابن وروح قدس، وأنّك الله الأحد الذي لا شريك له، وطبيعته الثالوثية الواحدة في الجوهر الإلهيّ هي نموذج شركة المحبّة ومثال الشركة وليس التشريك.
يا ربّي يسوع المسيح، لو عرف العالم حقيقتك لما بحث عن سواك.
المسيح قام حقا قام. 

  • شارك الخبر