hit counter script

عامان على قانون العنف الأسري... هل المرأة محميَّة فعلاً؟

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٦ - 06:29

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عامان مرّا على إقرار القانون 293 لحماية النساء من العنف الأسري. ففي 1 نيسان 2014 سُجلت خطوة مهمّة على طريق حماية المرأة، إذ تمّ منحها قانونياً خيار اللجوء إلى السلطات في حال تعرّضت للعنف من قبل أحد أفراد عائلتها، بينما كانت في الماضي تُواجَه باستخفاف إذا ما تقدّمت بشكوى. فكيف تمّ تطبيق القانون؟ وهل ساهم فعلاً في وضع حدّ للعنف الأسري؟ وما هي ثغراته؟تؤكّد منسقة المشاريع في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية شانتال بو عقل لـ«الجمهورية» أنّ القانون 293 الصادر منذ عامين شكّل «نقلة نوعية، لأنّه شجع النساء المعنفات في منازلهنّ على كسر خوفهنّ وصمتهنّ والإدعاء على من يهدّد سلامتهنّ». وتضيف: «حتّى الثقافة الشعبية تغيّرت مع وجود القانون، إذ زال خوف المرأة من تقديم الشكوى عندما تتعرّض للعنف الأسري».

الحماية موجودة

تشير الأرقام إلى أنّ القانون ساهم في وضع حدّ للعنف الممارَس على كثير من النساء اللواتي قرّرن إيقاف المُعنِّف عند حدّه، إذ نالت 175 سيدة قرارات الحماية لغاية اليوم في مختلف المناطق اللبنانية.

ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أنّ كسر المرأة لصمتها والتجاءها إلى السلطات أو إلى إحدى الجمعيات أساسي في سبيل حمايتها، بينما يؤدي سكوتها عن العنف الممارس ضدها إلى تعريض حياتها للخطر وتمادي الجاني بفعلته.

فقرار الحماية يصدر في حال توجّهت السيدة الى المخفر إثر تعرّضها للضرب، كما يمكن للجمعيات النسائية أن تتقدّم لها به. وتجدر الإشارة إلى أنّ منحه لم يتوقّف عند هذا الحدّ، بل أخذ عدد من القضاة العنف المعنوي بعين الاعتبار في أحكامهم، فمنحوا سيدات قرار الحماية فقط لأنهنّ تعرّضن للتهديدات مثلاً.

ويتّفق الناشطون في مجال حماية المرأة من العنف الأسري على أهمية أن لا تنتظر الضحية حتّى تُضرب بشكل مبرّح أو تُؤذى فعليّاً لكي تلجأ إلى العدالة، بل يجب أن تقوم بهذه الخطوة قبل تمادي الزوج في سلوكه الإجرامي والعنفي ضدّها.

للمرأة فقط

ولكن على رغم أهميته، لا بدّ من ذكر أنّ القانون يحوي العديد من الثغرات. وتؤكّد شانتال بو عقل أنّ هذا القانون لم يحمِ النساء بشكل خاص، بل هو قانون لحماية الأسرة من العنف الأسري، و»نحن نريد قانوناً لحماية النساء لأنّ العنف الذي تتعرّض له المرأة مبنيّ على النوع الاجتماعي وموجّه ضدّها، فقط لأنّها امرأة».

وتقسّم بو عقل العنف المبني على النوع الاجتماعي إلى شقّين:

• تقصير المرأة في أحد أدوارها التقليدية: «تُضرب المرأة لأنها لم تطبخ، أو لم تهتم بالأولاد، فهي محصورة بأدوار تقليدية تُعتبر حكراً عليها ومن واجباتها، بينما الطبخ وتربية الأولاد وغيرها من المسؤوليات في المنزل يجب أن تقع على الرجل والمرأة على حدّ سواء».

• شعور الرجل بالسلطة: يضرب الرجل المرأة إذا ما عَصت أوامره، «فبعض الرجال يشعرون أنهم أعلى وأهمّ من المرأة ويحقّ لهم تعنيفها لبسط سيطرتهم عليها كونهم رجال».

عدم تجريم الاغتصاب الزوجي

تعديلات كثيرة خضع لها مشروع القانون الذي تقدّمت به الجمعيات النسائية عام 2009 قبل أن يقرّه مجلس النواب عام 2014. فالدولة التي حوّلت مشروع القانون المخصّص للنساء إلى قانون لحماية سائر أفراد الأسرة، لم تعترف بالاغتصاب الزوجي أيضاً على أنه جرم، وذلك لوجود مفهوم ديني خلفه، فصنّفته في إطار «الحقوق الزوجية». وبالتالي، غضّت السلطات الطرف عن جريمة منزلية تُقترف بحق مئات النساء يومياً وتدمّر حياتهنّ، علماً أنّ الإكراه على الجماع يُعتبر اغتصاباً بالنسبة للمتزوّجين أو غيرهم.

الحماية لا تشمل الأطفال

التعارض بين قوانين الأحوال الشخصية السارية المفعول في لبنان وأصول وضع قانون مدني يحمي المرأة لم يقف عند حدّ عدم تجريم الاغتصاب الزوجي، بل تعدّاه إلى عدم شمول الأطفال في قرار الحماية.

ففي حين تطلب المرأة قرار الحماية لمنع استمرار العنف أو التهديد ضدها، يستثني القانون الأطفال من الحماية التي تحصل عليها والدتهم، لأنّ حضانة الأولاد هي للرجل حسب قوانين الأحوال الشخصية. علماً أنه في حال تعرّض الأم للعنف يكون الأطفال معرّضين مثلها.

وتؤكّد منسقة المشاريع في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة: «نحن في مجتمع ذكوري وقوانين الأحوال الشخصية تكرّس الذكورية في المجتمع من خلال بعض الأحكام المتعلّقة بالمرأة».

إنجازات القضاء

وتتحدّث شانتال بو عقل عن الدور العادل الذي يؤديه القضاة في تطبيق القانون على رغم ثغراته، «ففي حين هناك ثغرات لا يمكن تخطّيها لأنّ القانون واضح في شأنها، وَسّع بعض القضاة مفهوم العنف من خلال اعتبار عدة ممارسات تعرضت لها نساء على أنها عنفية على رغم إهمال القانون لذكرها».

وتسترجع شانتال: القرار صادر عن قاضي الأمور المستعجلة في بيروت في تاريخ 31- 5- 2014 الذي فسّر مفهوم العنف المذكور في المادة 2 من القانون، فاعتبر حالات العنف المعنوي مثل الشتائم، والتحقير، والاستيلاء على الأوراق الثبوتية والهاتف الخلوي، ومنع الخروج من المنزل، أعمالاً عنفية.

كما تتطرّق بو عقل إلى قرار ثان صادر عن قاضي الأمور المستعجلة في المتن في 20- 8- 2014، ذهب فيه القاضي إلى أبعد من مبدأ تكريس العنف المعنوي، فاعترف بأحد أوجه استعمال الولد الناتج عن الرابطة الزوجية كأداة تعنيف بحق الزوج أو الزوجة الضحية. وتوضح بو عقل: «كرّست الأحكام القضائية حرمان الزوج لزوجته من مشاهدة أولادها، كوجه من أوجه العنف، حتّى لو لم يذكرها القانون».

واقع مؤلم بالأرقام

• قُتلت 14 سيدة جراء العنف الأسري بعد إقرار قانون حماية المرأة
• 44 في المئة من اللبنانيين يعرفون ضحايا لعنفٍ أسري
• 55 في المئة أكّدوا أنهم يبلّغون الشرطة في حال الشهود على حالة عنف
• 44 في المئة لاحظوا تحسّناً في أداء الشرطة في التعاطي مع حالات العنف الأسري في لبنان
• نصف اللبنانيين ينصح ضحية العنف الأسري بالتقدّم بشكوى
• 42 في المئة لا يثقون بالمحاكم الدينية و38 في المئة لا يثقون بالمحاكم المدنية، والفساد والقوانين المجحفة بحقّ المرأة يترأسان أسباب عدم الثقة.

سابين الحاج - الجمهورية - 

  • شارك الخبر