hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار اقتصادية ومالية أخبار اقتصادية ومالية

هذه هي أسباب ارتفاع أسعار الذهب...

الخميس ١٨ نيسان ٢٠٢٤ - 08:21

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تطورت القواعد التقليدية في السوق والتي كانت سابقاً تلعب دوراً في استنباط وتحديد سعر الذهب، وقد دخلت راهناً أعداد من القواعد المستحدثة والطارئة والمختلفة عن تلك القواعد التي حكمت السوق منذ انتهاء إتفاقية بريتن ودز.

يخطئ من يعتقد ان سعر الذهب قد أخذ بالارتفاع ووصل الى حدود فاقت الـ 2360$ للاونصة بشكل غير مؤسس له، أو ان ما يحصل بموضوع الذهب هو دورة طبيعية تتصل وفق الحالة التقليدية بقرارات الفيدرالي الأميركي الذي (اشيع عنه) في بداية السنة بأنه سيتجه الى خفض الفوائد؛

وفق القواعد التقليدية توجد علاقة عكسية بين سعر الفائدة والذهب. بمعنى انه كلما ارتفع سعر الفائدة انخفض سعر الذهب، وهذا يصح في الاوضاع الطبيعية حيث يوجد استقرار اقتصادي عالمي اي لا تضخم ولا مخاطر ركود. وتفسير ذلك يكمن بمعدل العائد، اي كلما ارتفعت اسعار الفائدة ارتفع معها العائد على السندات والايداعات المصرفية فيتجه حينها رأس المال الى شراء الدولار للدخول به اما استثماراً بسندات الخزانة أو يضعه إيداعاً في المصارف لتحقيق الارباح وفق قواعد السوق. وهذا الامر يؤدي حكماً الى تقوية الدولار بمقابل ضعف الذهب. اما في الحالات الاقتصادية غير الطبيعية اي حين يكون هنالك تضخم تتبدل المعادلة السابقة وتصبح العلاقة طردية، بمعنى انه كلما ارتفع سعر الفائدة ارتفع سعر الذهب والسبب في ذلك يعود ايضاً لمعدل العائد، اي ان هذه العلاقة تصبح هنا طردية حين يدخل عنصر آخر وهو التضخم، ويأتي رفع سعر الفائدة كمحاولة من المصارف المركزية للحد من الطلب من خلال التحفيز على شراء سندات الخزانة أو الإيداع في المصارف. انما قد لا تتحقق الغاية في هذه المعادلة حين يصبح معدل التضخم أعلى من معدل سعر الفائدة ولذا يتجه رأس المال الى التحوط بالمعدن الاصفر مما يسبب زيادة في الطلب عليه وينعكس ارتفاعاً في سعره في السوق؛ ولا تقتصر العلاقة على هذه المعادلة بل يتدخل ايضاً عدد من المعايير منها عوائد سندات الخزانة ومؤشرات الاقتصاد الأميركي منها معدل البطالة وبيانات التوظيف؛ وتصبح العلاقة أكثر تعقيداً حين تتدخل عوامل جيوسياسية.

البداية في 2016

من المفيد الإشارة إلى ان ارتفاع سعر الذهب قد جرى التأسيس له في أسواق المال منذ العام 2016. وتحديداً منذ ان خط اللورد جاغوب روتشيلد استراتيجيته في مقدمة التقرير الذي يعده صندوقه الاستثماري RIT Capital Partners plc. بحيث أشار ومنذ نهاية العام 2016 الى ان هنالك تعديلاً سيطرأ على مستوى الاستثمار وحركة رأس المال. وقال بصريح العبارة بان الهدف الاستراتيجي للاستثمار في السنوات التي تلي يكمن في المحافظة على قيمة رأس المال الحقيقي، اي ان الوقت لا يهدف لتحقيق الارباح بل للسعي على المحافظة على رأس المال بقيمته الفعلية والحرص على عدم تآكله، ولذلك اتجه الى تقليل محفظة النقد واتجه الى التحوط بالذهب بنسبة 8% وأصول أخرى مثل المناجم.

البنوك المركزية تشتري

وبالعودة الى ارتفاع الذهب راهناً فان هناك عدداً من النواحي التقليدية التي تضافرت الا ان السبب الدافع هو ما قد تبدل؛ وبالنظر الى ما يحصل في أسواق الذهب نرى ان المصارف المركزية حول العالم قد كثفت مشترياتها من الذهب ورفعت ونوعت باحتياطاتها. وبحسب بيانات صندوق للذهب العالمي فان المصارف المركزية لكل من الصين وتركيا والمانيا كان لها الحصة الاكبر؛ وقد وصل إجمالي مشتريات البنوك المركزية من الذهب خلال عام 2023، الى نحو 1037 طناً وكان من نصيب الصين وحدها 225 طناً في العام 2023. كما وقد بلغت نسبة حيازة صناديق الاستثمار بما يقدر بـ 2500 طن من الذهب، اما اسباب تحوط المصارف المركزية بالذهب فقد يعود إلى التخوف من امكانية تبدل النظام المالي الدولي المرتبط برغبتهم بتخفيف المخاطر المرتبطة بالعجز المالي للدولار والذي يهدد في تآكل قيمته.

الفائدة الأميركية

إن استشراف المستقبل الخاص بالاسواق المالية ينبئ بحالة من عدم الاستقرار والارتياح والتذبذب. وهذا منفصل برمته عن خيارات الفيدرالي الأميركي الذي وبخلاف ما استنبطته الاسواق والتحليلات في الفترة السابقة فان بياناته بخصوص خفض سعر الفائدة اتسمت بالديبلوماسية وعدم الوضوح. وبالرغم من ذلك حافظ الذهب على وتيرة ارتفاع سعره. وبالرغم ايضاً من ان المحافظة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي السيدة ميشيل بومان، قد صرحت يوم الجمعة الموافق فيه 5-4-2024، «بأن الوقت لم يَحِن بعد للبنك المركزي الأميركي للنظر في خفض سعر الفائدة، مشيرة إلى أن خيار رفع الفائدة لا يزال مطروحاً على الطاولة إذا توقف التقدم في خفض التضخم». الا ان سعر الذهب قد قفز الى حد 2340 دولاراً للاونصة في حينه، وبالتالي ما هي المعايير المستجدة التي باتت تتحكم بسعر الذهب عالمياً؟

إرتفاع علاوات المخاطر

يتبدى للباحث بان النظام العالمي برمته يعاني من حالة عدم استقرار وعدم يقين. وهذا ما ينعكس بدوره على أوضاع الاسواق المالية برمتها وعلى حركة رأس المال التي نراها تجول ضمن افق غير مفهوم. فارتفاع علاوة المخاطر الجيوسياسية تسبب بتبدل القواعد العادية المتحكمة بسعر الذهب. ونصبح بالتالي أمام قواعد غير عادية تطفو وتفرض نفسها على قواعد التحوط؛

أول تفصيل في المخاطر الجيوسياسية يأتي من الحرب الأوكرانية وتأثيرها على قواعد التجارة العالمية، كما وتأثر قارة اوروبا من جراء ذلك الامر الذي انعكس تضخماً في البلدان الاعضاء وادى ذلك بدوره الى تقلص المساهمات الحكومية. وقد نتج عن ذلك انتفاضة المزارعين في عدد من تلك الدول؛ اضافة الى ذلك نرى تراجع وجود فرنسا في القارة الافريقية وخروجها العسكري من مالي وبوركينا فاسو والنيجر وإغلاق سفاراتها وتراجع نفوذها السياسي هنالك، اضافة الى توجيه ضربة من تلك الدول للفرنك CFA «الفرنك الأفريقي» الذي يخضع لهيمنة البنك المركزي الفرنسي، وتقرير تلك الدول وقف الاعتماد على تلك العملة بمقابل إنشاء عملة مشتركة خاصة. ويقتضي ان لا يغيب عن البحث ما حصل مؤخراً من توقف تدفق اليورانيوم الى فرنسا من نيجيريا،اضافة الى ان الوضع الداخلي في ألمانيا التي تعتبر من أكبر اقتصادات بلدان الاتحاد الأوربي والمشاكل التي تعاني منها لا سيما حالة تقهقر الانتاج المرتبط بتقلص الاستهلاك المتصلة بحالة التضخم.علماً ان المفوضية الأوروبية في تقريرها الأخير خفضت توقعاتها للنمو والتضخم في منطقة اليورو هذا العام إلى 0.8% بدلاً من 1.2% و2.7% بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية واستمرار حالة عدم اليقين عالمياً، وأكدت على ان آفاق اقتصاد الاتحاد الأوروبي في الربع الأول من العام الجاري ضعيفة.

الشرق الأوسط

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان الحرب الشرق اوسطية تضغط وبشكل فاعل على أسواق الطاقة وبدورها على الاسواق المالية لا سيما تلك التطورات المرتبطة بها في البحر الأحمر، وانعكاس ذلك على الممرات البحرية وسلاسل التوريد ورفع التكلفة والوقت لا سيما وان مسار جميع سفن الحاويات قد تبدل بعيدًا عن قناة السويس نحو الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح وهذا ما سبب مثلاً بتوقف مصنع تيسلا في برلين مدة اسبوعين.

مواجهة الضغوط

إضافة إلى أن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة يشوبه عدم اليقين. ولذلك اتجهت صناديق استثمارية الى تقليص حيازتها لسندات الخزانة الأميركية ومنها الصندوق السعودي الذي بان ينحو بإتجاه استثمارات أخرى. ووفقا للبيانات الأميركية فقد تراجعت إجمالي حيازات الأجانب من سندات الخزانة الأميركية في كانون الاول إلى 8.02 تريليون دولار. وقد اجريت دراسة لصندوق النقد الدولي بعنوان «النظام المالي العالمي في مواجهة ضغوط ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة» مقارنة بين ازمة العام 2008 والازمة الراهنة. وخلصت الى القول بأنها تختلف عنها وتقترب في توصيفها بأزمة المدخرات والقروض في الثمانينات والأحداث التي سبقت سقوط بنك كونتيننتال إلينوي عام 1984. وأشارت المدونة الى ان النظام المالي العالمي يواجه ضغوطاً هائلة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة الذي أدى إلى زعزعة الثقة في عدد من المؤسسات. فسقوط بنك سيليكون فالي وبنك سيغنتشر في الولايات المتحدة كما وان الاستحواذ على بنك كريدي سويس في سويسرا من جانب منافسه بنك الاتحاد السويسري بدعم من الحكومة ساهما في زعزعة ثقة الأسواق، ناهيك عن الوضع في الصين التي تعاني من أسوأ انكماش عقاري في تاريخها اضافة الى تاثرها بأزمة سوق الأوراق المالية. وهناك ايضا تأثر اليابان سلباً بتراجع الاستهلاك العالمي لا سيما وانها تعتمد بشكل اساسي على التصدير؛

من هنا أشار تقرير صندوق النقد الدولي الصادر بعنوان مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي الى أن معدل النمو العالمي سيظل 3,1% في 2024 ويرتفع إلى 3,2% في 2025. اي سيبقى دون مستوى المتوسط التاريخي البالغ 3,8%. واضاف بان رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة الأساسية الهادف الى مكافحة التضخم وسحب دعم المالية العامة وسط ارتفاع الديون سيؤثران سلباً على النشاط الاقتصادي؛

كل هذه العوامل المتعاضدة سببت ضغطاً على قوة العملات العالمية الرئيسية وباتت تشكل قواعد واقعية من نتائجها زيادة التحوط بالذهب. لان المناخ العالمي يوحي بان هناك نظاماً دولياً قد يبصر النور بعد فترة المخاض هذه؛ وبالتالي يتضح مما تقدم ان هنالك حالة تشاؤم في أسواق المال من الممكن أن تتحول إلى مزمنة. ومن خاصيات اسواق المال بأنها في اوقات التفاؤل تجنح نحو الاستثمار في المخاطر، بعكس اوقات التشاؤم فهي تنحو بإتجاه النفور من المخاطر الى الحفاظ على قيمة رأس المال.

في الختام وامام توجه «بريكس» إلى خلق عملة دولية موحدة، وان كان هذا الهدف ما زال بعيد المنال راهناً بسبب عدد من الأسباب لا مجال لتفصيلها الآن، إلّا ان السؤال الآن هو هل تنجح منظمة الـCANZUK International إلى خلق المناخ الآمن بغية التمكن من خلق عملة دولية موحدة بين كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ونيوزيلندا وكندا وإستراليا؟ لا سيما وان CANZUK International تسعى إلى تحقيق وحدة كاملة بين هذه الدول؟ علماً ان هذه المنظمة قد حظيت بدعم من قبل المحافظين والمؤسسات البحثية مثل معهد آدم سميث وجمعية هنري جاكسون ومن قبل سياسيين من الدول الأربع، لا سيما وان هذه الدول ترتبط في ما بينها بنظم اقتصادية مشابهة وقيم اجتماعية وأنظمة سياسية وقانونية متشابهة، بالإضافة إلى أن اللغة الإنكليزية هي اللغة الرئيسية فيها.

المحامي باسكال فؤاد ضاهر - نداء الوطن

  • شارك الخبر