hit counter script

ليبانون فايلز - أبرز العناوين | أبرز العناوين مقالات مختارة مقالات مختارة - مريم نسر - الديار

عن مسار محور المقاومة والتوقيت الغزاوي...

الجمعة ١٩ نيسان ٢٠٢٤ - 07:13

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد أكثر من ستة أشهر على العدوان الصهيوني على غزة، بات لا بد من الإجابة على سؤال: كيف يقرأ محور المقاومة وفي مقدمته الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كل المسار وصولاً الى محطة استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق ومن أي منطلق وفي أي مسار تم الرد الإيراني بهذا الشكل؟

من الواضح أن المشهد لا يمكن ترجمته أنه "فعل ورد فعل" بالمعنى العسكري وإنما الموضوع أبعد من ذلك بكثير باعتبار أن إيران هي الدولة الراعية لمشروع المقاومة في العالم وبالتالي ما يحدث له أثره الإستراتيجي وله علاقة بالمعادلات والتوازنات وطهران جزء أساسي في صناعتها منذ أن فعّلت خطاب المقاومة وفق أدبيات معينة في المنطقة.

منذ السابع من تشرين الأول الماضي تُراقِب إيران وتقوم بدورها، فهي حاضرة بقوّة، لكن حصول أي تطوّر ما ممكن أن يُغيِّر شكل الحضور وفق رؤيتها، وفي الآونة الأخيرة كانت لديها مقارباتها ومحور المقاومة، وبالتالي فإن إيران تنظر للآداء الإسرائيلي في سياق رؤيتها لتطوّر مجموعة من القضايا. ففي معركة مفتوحة كهذه لا يمكن الحديث عن قواعد اشتباك، هذه المعركة بدأت تأخذ مساراً مختلفاً نتيجة الإخفاق الإسرائيلي الهائل واصطدامه بحائط المقاومة الإستثنائية والتاريخية، لذا فإن المعركة بدأت تأخذ أبعاداً جديدة.

من المعروف أن "إسرائيل" عندما تصطدم بشيء تبدأ بالبحث عن أماكن لتفريغ الطاقة، فبالتالي المسار بالأشهر الاخيرة كان واضحاً، فمحور المقاومة مرتاح لأن العدو ينتقل من أزمة الى أزمة خاصة بعد أن بدأت تظهر ملامح عند الإسرائيلي أنه أمام إخفاق وفق اعترافه، حتى الأميركي اعترف أن الإسرائيلي غير قادر على تحقيق أهدافه وبالتالي عليه الإنتقال الى مسار آخر، ما يعني أن الأمور ذهبت باتجاه الإطار العام الذي تَوَقَّعه محور المقاومة، لذلك تم استيعاب بعض الضربات الإسرائيلية التي لم تؤدِ الى تغيير أو تعديل في المقاربة أو التوازن، بمعنى كان واضحاً أن المسار ذاهب باتجاه تحقيق انتصار لمحور المقاومة، فالوقت يمر لصالحه، كما البيئة الدولية والإقليمية والمحلية أيضاً.

أمام هذا المشهد، حدثت الضربة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، فتلقائياً طُرِحت مجموعة من الأسئلة: هل ما يحدث يُؤشِّر لشيء جديد؟ هل هذه الضربة بداية مسار جديد؟ هل هناك لحظة استشعر بها الإسرائيلي أنه بات أمام الإخفاق المحتَّم في غزة وبالتالي الى أين سيتّجه؟ أم يريد أن يعزل توقيت غزة عن توقيت طهران؟ بمعنى انتصار غزة لا يجب أن يُترجَم إنتصاراً لطهران؟ أو أن يَخلق معادلة تحول دون تحويل انتصار غزة لانتصار محور المقاومة؟ أم يريد أن يُنقِذ نفسه ويقول إن المشكلة ليست في غزة بعد ستة أشهر وإنما في محور المقاومة وينقل التصعيد الى إيران؟

أسئلة كلّها مشروعة في حرب من هذا النوع، لكن يبقى السؤال الأخير هو الهدف الإسرائيلي الأساسي من بداية الحرب ولا يزال، وإيران معنية بإفشاله، خاصة أن هذا الأمر وضعه محور المقاومة ككل أمامه من بداية الحرب، أي إبقاء غزة وفلسطين المركز والبوصلة وكل الإتجاهات توصِل إليها..

هنا كانت تكمن مسؤولية الرد الإيراني، بحيث كان على إيران من خلاله أن تحسب حساباتها بدقة، وتُبقي الضربة بمسارها الذي وضعته هي ومحور المقاومة، وتُفشِل أهداف العدو، وبالتالي تُثبِت "مركزية" غزة وتلقائياً يعود إنتصارها إليها ولكل المحور، عدا عن مسؤولية عدم الحاجة لتوسعة الحرب باعتبار أن الأمور ذاهبة لمصلحتها..

فالفوضى في المنطقة ليست من مصلحة إيران بالدرجة الأولى بغض النظر عن الموقف الأميركي، لأنها في موقع استثمار الإنتصارات الكبرى، عدا عن أنها جزء من هذه المنطقة، فأميركا صحيح أن لديها مصالحها إلا أنها جغرافياً تُعتبر بعيدة، و"إسرائيل" تعيش على الفوضى، لذا إيران تتجنّب الذهاب الى الحرب الكبرى ليس من موقع الخوف وإنما من موقع الحرص على مصلحة المنطقة، عدا عن أن المحور ذاهب لإنتصار كبير، فلماذا تذهب لحرب كبرى وأزمة وفوضى؟! لذا كان عليها:

١- توجيه ضربة لا تأخذ المنطقة الى فوضى..
٢- عدم السماح لإسرائيل ضمن غطاء أميركي أن تَخلق معادلة جديدة..
٣- إفشال أي مقاربة أميركية لإعادة صياغة مشروع يقوم على إنقاذ إسرائيل..

فبين هذه المحددات الثلاثة، يمكن القول إن إيران ليلة الرابع عشر من نيسان وجّهت ضربة واحدة لأميركا و"إسرائيل" معاً.

صحيح أنه حتى الآن لا يمكن حسم تداعيات الرد الإيراني، إلا أن من الواضح أنه عقّد الحسابات الإسرائيلية والأميركية أكثر وزاد من مأزقهما، وخلق جدل داخل الكيان بين الرد وعدم الرد، ووضع إسرائيل أمام خيارات صعبة، جميعها تُجبرها على تقديم شروحات ومبررات للداخل وللأميركي، وفي كل الأحوال النتائج غير مضمونة، عدا عن أنه صعّب المهمة على الأميركي.

أما بالنسبة للإيراني المستعد لكل السيناريوهات، فيرى أن هناك فرقاً بين التصعيد والحرب، فهو لا يُمانع من تصعيد يليه تصعيد لكن في مستويات معيّنة.

إذاً.. رغم النوايا والمحاولات الإسرائيلية، فإن محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية، عمل جاهداً وبخطة مدروسة من بداية الحرب وحتى الرد الإيراني الذي لا يُمكن فصله عن مسار فلسطين، أن يُبقي كل ما يقوم به في سياق التوقيت الغزاوي وما يؤدي الى تثبيت انتصار غزة وخلق المعادلات بدل أن يكون نتنياهو هوَ مَن يخلق المعادلات...

  • شارك الخبر