hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

مجلس النواب يصوت على ثقة الحكومة

الثلاثاء ١١ شباط ٢٠٢٠ - 15:52

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ألقى رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل مداخلة خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة استهلها بالقول:
"- بعد مئة سنة على ولادة لبنان، سؤالان للاجابة عنهما: النظام السياسي والنظام الاقتصادي الاجتماعي، واعطاء الحكومة فرصة وليس ثقة.
- لماذا هم وليس نحن من قبل؟
لأن الناس لم تكن في الشارع، وهذا ما كنا نترجاهم عليه.
لأن الوضع صار افلاسا وما لم يكن ممكنا من قبل واصبح ممكنا الآن.
لأن لحظة المواجهة الكبرى والخيارات الكبرى وقعت:
على مستوى المنطقة: "صفقة القرن" - التوطين والنازحون - والغاز.
على مستوى الداخل: السياسة النقدية - وظيفة لبنان الاقتصادية - قابلية الاصلاح".

وأضاف: "اذا ارادت الحكومة الخروج من الآزمة (لأن الأمر لا يزال ممكنا) فعليها ان:
ترفع الصوت، وألا تقول "ليس على ايامنا، الا تخضع لابتزاز السياسيين (بعدم المساس بامتيازاتهم) ولا لابتزاز الشارع (الخضوع لمطالبه السياسية غير المحقة)".

وشدد على ان "على الحكومة ان تقوم بالاولوية الآتية:
في السياسة المالية والنقدية والاقتصادية:
-الاجراءات النقدية: وضع خطة شاملة من الحكومة، بالتنسيق مع الحاكم، وفرض اعتمادها للمرة الاولى منذ التسعينات.
- وقف سياسة الاستدانة العمياء بفوائد عالية.
- وقف سياسة تثبيت سعر الصرف بأي ثمن لأنها بكلفة عالية وبكذبة كبيرة (سعر الليرة وهمي من زمان).
- وقف سياسة ارتفاع الفوائد على المودعين والمدينين.
- قوننة الـCapital Control وانتظامه واعادة الأموال المهربة وفضح اصحابها.
- اعادة هيكلة الدين بحسب الأصول بعد التفاوض وبعد انهاء درس ومسح شامل.
- حماية المودعين الصغار ووضع سقف، مثلا الـ 100K$ (91 في المئة من اللبنانيين ويشكلون فقط 14 في المئة من الايداعات).
- اعادة تنظيم القطاع المصرفي ودمج المصارف واعادة رسملتها.
- اعادة اموال الهندسات المالية لمصرف لبنان اي للمودعين وغيرها من الأموال الموهوبة.
- اقتطاع اما ضرائب كبيرة على المودعين الكبار من ارباح الودائع الكبيرة من طريق تجميد الأموال مع فوائد منخفضة وتحويل قسم منها الى الليرة .
- اجراء عملية تدقيق حسابية على مصرف لبنان واعادة جدولة ديون الدولة (المصرف في خدمة الدولة)".

وتابع: "كل ذلك يجب ان يتم عبر مطبخ قرار مؤلف من رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، وزير المال، وزير الاقتصاد، وحاكم مصرف لبنان، و(جمعية المصارف عندما يلزم).
وان يحكم القرار مصلحة لبنان، وسيادته، يعني عدم الخضوع لمعتقدات مسبقة او مواقف ايديولوجية، وعدم الخضوع لمشيئة الخارج باخراجنا من الدين تحت ضغط التوطين، وعدم رفض الخصخصة او صندوق النقد الدولي الا وفقا لتفاوض يقرر على اساسه".

وفي  الاجراءات المالية، دعا الى "خفض العجز في المالية العامة والموازنة، وخفض الدين وكلفة خدمته عبر:
- خفض الفوائد، حذف دين الدولة لمصرف لبنان واعادة هيكلته، اعادة هيكلة الديون وتقسيطها على مدد طويلة.
- تصغير كلفة القطاع العام من خلال وقف التوظيف واعادة التوزيع والهيكلة.
- حل مشكلة الكهرباء فورا من خلال تنفيذ الخطة التي وضعها الجميع لأن لا خطة غيرها.

- اطلاق المناقصات فورا لتوفير الحلول الدائمة على المدى الطويل والحلول السريعة معا لأن لا امكان لسد عجز مليارين (كل نقص بالتغذية هو زيادة كلفة على المواطنين)، والحل الوحيد بتصفير الكلفة على الدولة وخفضها على المواطن هو بكهرباء فورا 24/24 وبزيادة تعرفة الدولة والغاء تعرفة المولدات.

- وقف الهدر في مؤسسات الدولة:
- وقف كل المساهمات التنفيعية.
- اقفال المؤسسات المكلفة من دون افادة او عدالة وعلى رأسها مجلس الجنوب، وزارة الاعلام، ووزارة المهجرين.

- ضبط المؤسسات الفالتة وحصر مداخيلها وعلى رأسها "اوجيرو" ومرفأ بيروت و"الميدل ايست".

وطالب بـ"ضبط المداخيل الشرعية عبر:
- المعابر الشرعية على الجمرك (Scanner - المؤسسات الوهمية - شركة Audit وVeritas).
- تطبيق قانون الأملاك البحرية (لأن لا ثقة لنا بأن المولجين بالأمر كانوا يقومون به).
- شركة Audit على موظفي المالية وعلى المكلفين لضبط دفع الضرائب".

وحض على "ضبط المداخيل غير الشرعية عبر:
- ضبط المعابر غير الشرعية (ولا حجة للجيش بالقول ان لا عديد عنده بـ 83 الف عنصر).
كل المؤسسات غير الشرعية مثل محال القمار والمرامل والكسارات والمحال غير الشرعية وغير المرخصة.
- كل المتهربين من الضرائب وغير المسجلين اساسا.
- العدالة الضريبية والاجتماعية:
- صحن ضريبي موحد وضريبة تصاعدية على الدخل.
- شبكات امان اجتماعي وعلى رأسها مساعدة من هم تحت خط الفقر من خلال صندوق خاص.
- واعادة هيكلة فصل التعليم الخاص عن العام او دفع التكلفة للمدرسة الخاصة، ووضع معايير واحدة للمستشفى الحكومي".

الاجراءات
وعن الاجراءات الاقتصادية، طلب:
"بدء الاجراءات الفورية لتحويل الاقتصاد من ريعي الى منتج وخفض العجز في ميزان المدفوعات (والاقلاع عن فكرة ان هذا البلد لا يمكن قيام الزراعة والصناعة فيه، بل هو فقط للخدمات والفندق والمطعم من خلال:

- وضع عقارات الدولة ومشاعاتها فورا في تصرف الصناعيين والمزارعين، إما عبر مزايدات مالية متواضعة او مزايدات ضريبية وتوظيفية.

- الأخذ ببعض توصيات ماكينزي المفيدة واقرار التشريعات اللازمة لها والقرارات السريعة مثل الأعشاب الطبية وبعض الزراعات واقتصاد المعرفة والصناعات الذكية. كذلك لجنة خاصة لتنفيذ اصلاحات "سيدر" ولجنة خاصة للخطة الاستثمارية CIP.

- تشجيع السياحة عبر تسويق لبنان خارجيا اكثر وخصوصا في الصين وروسيا وبعض الأسواق الناشئة وعقد الاتفاقات كالاتفاق الثلاثي حول طريق فينيقيا بين لبنان وقبرص واليونان.

- تشجيع التصدير من خلال: الشباك الموحد للتصدير، اعفاءات ضريبية كبيرة، اعطاء كل لبناني منتشر يقوم بالاستيراد بإعفاء ضريبي مماثل على العقار او الدخل او الانتقال.
- اطلاق فوري للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الصناعية والمناطق الخاصة باقتصاد المعرفة كمدينة الاعلام ومدينة الذكاء الاصطناعي والروبوتيكس ومناطق الموضة والجوهرة واعفاءات خاصة بها".

الفساد
وعن مشكلة الفساد، قال: "صار الكل فاسدين، عندما نهرب ونتشاطر والكل يريد ان يحارب الفساد والقضاء هو الملجأ"، وذكر بأن "هناك رزمة قوانين محاربة الفساد نحن قدمناها وهي:
- محكمة خاصة بالجرائم المالية.
- كشف السرية المصرفية.
- رفع الحصانة.
- الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (مساهمة الكل).
كشف الحسابات والممتلكات".

وأضاف: "تعالوا نقدم على اقرار هذا القانون، واذا لم نفعل يحجزنا المتظاهرون هنا. واذا لم يقر القانون، يتفضل النواب والوزراء بالقيام بهذا الأمر بأنفسهم وانا جربته".

النزوح السوري
وتوقف عند أزمة النزوح السوري، وقال: من الظلم ان نقول ان النزوح السوري مسؤول عن ازمتنا المالية (بوجود الفساد، والسياسات الخاطئة، وازمة سوريا وازمات افريقيا واوروبا والخليج والاقتصاد العالمي...)، ولكن من الغباء التغافل انه احد مسببات اساسية لتعميق الأزمة الاقتصادية ان كان الرقم لكلفة الازمة هو 25 مليار دولار مثلما يعتبر البعض في حده الأدنى أو 50 مليار دولار في الحد الأقصى او 43 مليارا، كما نحن نعتبر، فإن المبلغ كبير وغير محمول من اقتصاد دخله الوطني القومي كان 55 مليارا وسينزل الى نحو الـ 40.
ولا يمكن ان نحل مشكلة البطالة ما دام والنازحون الاقتصاديون السوريون يأخذون اعمالنا.
ولا يمكن ان نحل مشكلة الكهرباء وعجزها والسوريون يأخذون 5 ساعات كهرباء يوميا فيما نحن ندفع لهم للإستئجار.
ولا يمكن ان نحل مثلا مشكلة تهريب الأموال والبضائع والمواد الأولية كالمحروقات بالاتجاهين.
والحل هو بتنفيذ خطة عودة آمنة وكريمة للنازحين وتشجيع العودة، (1000 يوميا ورفعها الى 2000) ومراقبة عمل المنظمات الدولية بتطبيق المادة 92 من الموازنة الماضية باجبارها بالعمالة والبضائع اللبنانية، وبإلزام نصف مساعدات المجتمع الدولي بأن تكون للبنانيين".

ورأى ان "بلدنا يشهد شيئا لم نره منذ 1915، وهذا يؤكد وجوب تغيير نظامنا السياسي بالانتقال الى العلمنة (مع قانون موحد للأحوال الشخصية وقانون انتخاب نسبي من دون قيد طائفي)، مع انشاء مجلس شيوخ لتطمين الملل والأقليات على الأمور الكيانية، وتغيير نظامنا المالي والاداري بالانتقال الى اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، ولكن الأولوية الآن هي طبعا للخروج من الأزمة الاقتصادية المالية العميقة".

واضاف: "أي رهان هو خاطئ اذا آتى من الخارج لهز الاستقرار ولتغيير معادلات الداخل على حساب قوة البلد، وسيتكرر سيناريو تموز 2006 مع مفاعيل داخلية مختلفة هذه المرة.
واذا آتى من بعض الداخل للانتقال الى المثالثة أو اي صيغة اخرى فيها تحويل القوة الزائدة الى الموازين الداخلية، فهو ايضا خاطئ لأنه سيؤدي الى اهتزازات داخلية يفيد منها الخارج، وما اكثر من هم جاهزون لتقديم خدماتهم للخارج.
واذا آتى من البعض الآخر في الداخل للتخلص من الطائف، وليس لتصحيحح الخلل فيه، فهذا فيه مجازفة كبرى لأنه قد يكون انتقال الى ما هو أسوأ ان لم يكن منسقا".

وتابع: "الوقت الآن هو للرهان فقط على بعضنا بتضامننا كلبنانيين وعدم اغتنام الفرصة للإنقضاض على بعضنا، وعلى هذه الحكومة لتقوم بما نحن عجزنا عنه لأن لا خيار آخر لدينا، ما دمنا نعتبر، وعن غير حق، وقفنا جانبا كسياسيين (ليس كأشخاص ولكن كمبدأ) وتألفت حكومة من غير سياسيين، ويفترض من اختصاصيين واوادم وعليها بعملها ان تحصل على ثقة اللبنانيين وثقة المجتمع الدولي".

وختم: "نحن نعطيها الثقة اليوم لتأخذها لاحقا من الناس؛ ولكن اذا لم نعطها نحن الثقة وفرصة لأخذها لاحقا من الغير، فما الخيار الآخر؟.
نحن نعرف من ينتظرها على الكوع لتفشل وتسقط ولإبقائنا بالسياسات القديمة نفسها التي اوصلتنا الى هنا. نحن امام فرصة تغيير عجزنا عنها، او نبقى في المستنقع نفسه، وان البلد ليس جاهزا للإصلاح وان معدته لا تهضم اصلاحا.
سنعطي الفرصة، وان لم تتصرف الحكومة بسرعة وبشكل مغاير غير متأثرة بالابتزاز، فنحن من سنسقطها ولن ننتظر احدا، بل سننزل ضدها في البرلمان وفي الشارع. احذروا، الوقت ضيق والخيارات واضحة فلا تضيعوا الوقت ولا الفرصة".

وأكّدت النائب ستريدا جعجع أن "صفقة القرن" ولدت ميتة بالنسبة لنا كحزب سياسي ونصرّ على النأي بالنفس عن كلّ الصراعات الحاصلة في المنطقة، لأنّ الحكمة تقتضي منّا جميعاً تركيز كلّ جهودنا لحلّ مشاكلنا الداخلية"، مشيرةً إلى أن "الشعب اللبناني ينوء تحت اثقال مشكلةٍ اقتصاديةٍ وماليةٍ مذرية لم يشهدها لبنان منذ الحرب العالمية الأولى وما تخللها من مجاعةٍ وفقرٍ وهجرة". وأضافت: "البنانيون من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ومن بيروت والساحل الى الجبل والبقاع، ويطرحون أسئلةً كثيرةً ولا يجدون جواباً واحداً شافياً. وما يزيد المرارة أن الأوضاع الإقتصادية والمعيشية كانت خلال الحرب أفضل بكثيرٍ ممّا هي عليه اليوم، حتماً لا أحد يريد عودة الحرب، ولكن هل يجوز أن نواجه في زمن السلم ما نواجهه اليوم، نتيجة ما ارتكب المسؤولون وما زالوا أو نتيجة العجز عن ايجاد الحلول؟ و  لقد قمت بتلاوة هذا المقطع ليس لمجرد استذكار ما قلته من على منبر مجلس النواب في 12 شباط 2019، بل لأدلّل على مدى معايشتنا للناس وقضاياهم وبالتالي على مدى الجهود والمحاولات التي بذلناها كحزبٍ سياسي، إن في المجلس النيابي أم في مجلس الوزراء، لتحقيق ولو جزءٍ يسير مما يطالبون به، ولكن عبثاً".

النائب جعجع، وفي كلمة لها خلال جلسة الثقة في مجلس النواب، ذكّرت بأننا "حاولنا كنوّابٍ هنا في هذا المجلس، كما بحّ صوت وزراء القوات اللبنانية في كل جلسةٍ من جلسات الحكومات السابقة، للتنبيه من خطورة الأوضاع وضرورة اتخاذ خطواتٍ جذريّة وفوريّة للإصلاح... ولكن عبثاً أيضاً وأيضاً. حتّى لم نستطع إقناع الأكثرية الوزارية السابقة بوقف العقود غير القانونية ل 5300 موظف كانوا أنزلوا بالمظلّة على إداراتٍ مختلفةٍ في الدولة، خصوصاً قبل انتخابات العام 2018، ولأسبابٍ انتخابية مفضوحة. ولكن عبثاً وعبثاً وعبثاً أيضاً". وأضافت: "إنّ الأكثرية الوزارية السابقة تضايقت الى درجةٍ كبيرة من وزراء القوات اللبنانية وبدأوا يطالبون ولو سرّاً، من خلال تسريباتٍ صحفيةٍ متعددة، بأنّه يجب إقالة وزراء القوات والتخلّص منهم لأنّهم "يعرقلون عملنا". هذا صحيح، وصحيح جدّاً، إذ كنّا نحاول بكلّ ما أوتينا من قوةٍ عرقلة أعمالهم السيّئة والتي أودت بالبلاد الى الهوة التي هي فيها الآن، لكنّنا أيضاً، وبسبب موازين القوى داخل مجلس الوزراء، لم نتمكّن، ممّا دفع بوزرائنا للاستقالة عند أول فرصةٍ مؤاتية: 17 تشرين الأول 2019".

ولفتت النائب جعجع إلى أننا "عدا عن المحاولات الكبرى التي قمنا بها لإنقاذ الوضع، إن على مستوى المجلس النيابي او على المستوى الحكومي، فإننا حاولنا إضاءة شمعاتٍ صغيرةٍ في هذه الظلمة الكبيرة التي كنّا ولا نزال نعيشها. فكان وزراء القوات اللبنانية مثالاً وقدوةً في الشفافية والنزاهة والاستقامة ومحاربة الفساد، حيث يقدّر بعض المحللين أنّ محاربة الفساد في وزارة العمل وحدها وفّرت على اللبنانيين عشرات ملايين الدولارات سنوياً كانوا يدفعونها رشاوى لإنجاز معاملاتهم".

وذكّرت النائب جعجع بأن "رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع بادر على طاولة الإجتماع الإقتصادي الإستثنائي الذي عقد في القصر الجمهوري في بعبدا في 2 أيلول 2019 بحضور الرؤساء الثلاثة ورؤساء الأحزاب والكتل النيابيّة إلى الطرح على المجتمعين الخروج من السلطة بعد الفشل الحاصل، وتسليم دفة الأمور الى حكومة اختصاصيين مستقلين لمحاولة إنقاذ البلاد من المصير المحتوم، وأنّه نظراً لفداحة الأوضاع يجب أن تسقط كلّ الاعتبارات السياسيّة الضيّقة والشخصية، لأنّ انهيار الاقتصاد يعني عملياً انهيار الدولة. إلا أن الحاضرين سخروا من اقتراح سمير جعجع وأصرّوا على ما هم عليه، حتّى أوصلوا البلاد الى ما وصلت إليه".

وتابعت النائب جعجع: "نحن أمام حكومةٍ جديدة يفترض أن تقوم بعملية إنقاذٍ سريعة وسريعةٍ جداً. لم يعد لدينا ترف إضاعة الوقت ولو للحظة. هل هي قادرة على ذلك؟ هذه أقصى تمنّياتنا. ولكنّ بعض المؤشرات التي بانت حتى الآن لا تنبىء بذلك. فقوى الأكثرية الوزارية السابقة كانت لها اليد الطولى أقلّه بطرح اسماء وزراء الحكومة، وجاء من بينهم من هو علناً مستشار لهذا الوزير السابق أو لذاك الرئيس. (...) لذلك لن نعطي الثقة لهذه الحكومة، ولكن مع انتظارٍ دائمٍ لما ستكون عليه قراراتها وخطواتها. فإن أصابت وبدأت خطواتٍ جذريّةً سريعةً لإنقاذ البلاد، كنّا إلى جانبها ولو بعد حينٍ، وإلاّ فسنكون من أشدّ المعارضين لها".

وأوضحت النائب جعجع أننا "مع إجراء انتخابات نيابيّة مبكّرة على أساس القانون الحالي"، لافتةً إلى أن "كلّن يعني كلّن"، طبعاً "كلّن يعني كلّن" تحت القانون والمحاسبة. والسارق يحاسب ويوضع في السجن، وتستردّ منه الأموال المنهوبة. أمّا النزيه والشفّاف ورجل الدولة فيدعم ويساند ليكمل ما كان قد بدأه".

ووجّهت النائب جعجع تحيّة "كبيرة جداً للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي قيادات وضباطاً وأفراداً على كلّ التعب والجهد الذي وضعوه للحفاظ على حريّة التظاهر والتعبير ومواكبة تحرّكات الناس والحفاظ على أمنهم من جهة، والحفاظ على السلامة العامة وسلامة الممتلكات العامة والخاصة من جهةٍ ثانية".

وختمت قائلةً: "ورا كلّ ظلام وظلم نور، و ورا كل عنف سلام. نحنا الشعب اللبناني بكل أطيافه ما بنقبل نموت راكعين، وما بنركع إلاّ ل لله".

ورأى النائب أنور الخليل في جلسة الثقة الصباحية، أن "مناقشة بيان حكومة مواجهة التحديات في ظل لحظة تاريخية ومحطة مفصلية نهائية تستوجب إما إنقاذ البلد وإما إعلان إفلاسه، لا مجال للدبلوماسية ولا بد من كشف كل الأمور".

وقال: "ها نحن اليوم بصدد مناقشة بيان حكومة شعارها "مواجهة التحديات". أولا: أعتقد أنه من الضرورة بمكان ألا يصدر أي عفو عام كما صدر في عام 1991 وعفا عن كل ما حدث، ولكن في هذا المشهد المؤلم لما توصلنا اليه من فساد وإفساد في أكثر إدارات الدولة ومؤسساتها، يجب علينا أخلاقيا وقانونيا أن يحاسب كل مسؤول كان له دور في ما حدث منذ العام 1992 حتى أوصلنا المواطنين إلى أن يشحدوا ودائعهم ويتوسلوا الحصول على أموالهم التي جنوها بكد اليمين وعرق الجبين. مليارات الدولارات قد نهبت واختفت من بعض الوزارات والمؤسسات العامة، ولذلك يجب أن نكشف كل مرتكب كي يكون في ذلك عبرة لمن يعتبر، وليؤكد مجلس النواب دوره الدستوري الرقابي وعلى مستوى المسؤولية للأمانة التي أوكلها اليه الشعب بانتخابه لنا. وهنا تبرز الضرورة القصوى لقيام سلطة قضائية مستقلة كل الإستقلال لتكشف كل مرتكب وتدين كل من تثبت إدانته بحكم القانون. وهنا أضع دولة الرئيس بين أيديكم، إقتراحا كاملا لقانون حول استقلال القضاء العدلي وشفافيته".

أضاف: "ثانيا: إن ما ورد في البيان الوزاري لجهة الإصلاح الإداري لا يغدو كونه نصوصا وشعارات وكأننا نبدأ من الصفر. لقد أعددت في العام 1996 عندما كنت وزيرا "الخطة المرحلية للاصلاح الإداري" وهي عبارة عن خطة تفصيلية من شأن تطبيقها أن ينتقل بالإدارة عندنا إلى مرحلة متقدمة، كما قمت بوضع دراسة شاملة عن هيكلية الإدارة (196) صفحة Fullscap -قد تحتاج إلى بعض التعديل البسيط- أضعها بتصرفكم توفيرا لتكبد المزيد من النفقات والجهد والوقت. ثالثا: بكل أسف نجد أن العهد مصمم على الإستمرار باتباع سياسات خاطئة وغير عملية وقد تجلى فشلها الذريع على مدى عشر سنوات من إتباعها في ملف الكهرباء، حيث بلغ عجز الكهرباء (34) مليارا على مدى 10 سنوات من 2010-2019، وإذا ما أضفنا إلى ذلك فوائد الإقتراض تكون نسبتها 52% من الدين العام المقدر أن يصل إلى 91 مليار دولار في نهاية ال 2020، ولا ينكر أي مراقب أن هذه المشكلة هي السبب الأهم للأزمة الحالية وإن عجز الكهرباء سيؤدي إلى تعجيز لبنان عن القيام بالتزاماته الدولية".

وتابع: "من الصعب إعطاء الثقة لحكومة يحمل بيانها الوزاري في سطوره عوامل تدميرها، إذ أن جميع الدراسات والمؤشرات والأرقام تشير إلى ملف الكهرباء ووزارة الطاقة والمياه التي شكلت الثقب الاسود الأوسع في استنزاف المالية العامة وهدر اموال الدولة في غياهب اللجان الوزارية وغياب الرقابة الجدية والفاعلة، لا سيما رقابة السلطة التشريعية على أعمال الوزراء منفردين كما على الحكومة مجتمعة، ولأنه بالرغم من كل التسهيلات والتمويل الذي قدم لوزارة الطاقة وبالرغم من أهمية إنجاز معامل الكهرباء، التي يفترض أن تشكل حجر الزاوية في معالجة أزمة الكهرباء، وبكل أسف انتهينا فيها إلى دعويي تحكيم لم تنته فصولها بعد. وبما أننا اليوم، وبكل أسف، نجد أنفسنا قد عدنا إلى المربع الأول في معالجة أزمة الكهرباء، وإنما في ظروف مالية أصعب وأشد خطورة ضاق معها هامش المناورة والمماطلة والتذرع بالعرقلة والتسويف.

في موضوع الكهرباء
في الشكل
جاء في البيان الوزاري صفحة -8- منه ما يلي: "تنفيذ الخطة التي أقرت بالإجماع في جلسة مجلس الوزراء قرار رقم 1 تاريخ 8/4/2019 وأكدت عليها الورقة الإصلاحية التي وافق عليها مجلس الوزراء السابق بموجب قرار رقم 1 تاريخ 21/10/2019 بعد إقرار التعديلات والإجراءات المجدية والضرورية لتسريع تحقيق الأهداف.. ".

ماذا نصت الورقة الإصلاحية؟ نصت الورقة صفحة -4- منه على ما يلي:
"إجراء المناقصة من خلال إدارة المناقصات والموافقة على تقصير المهل ومنح العارضين مهلة أقصاها 15/1/2020 لتقديم العروض"
" تقييم العروض وفقا للأصول من قبل إدارة المناقصات والخبراء الذين تسميهم وزارة الطاقة والمياه بمهلة أقصاها 31/1/2020".
كيف يمكن تبني بيان الوزراء هكذا مناقصات تتجاوز قيمتها 5 أو 6 مليار ل ل من إجراء وتقييم بمهلة أسبوعين لا سيما وأن تقصير المهل يحول دون توفر عنصر المنافسة لعدم كفاية المهلة للعارضين الجديين؟ وما الحاجة لتعيين خبراء تسميهم وزارة الطاقة والمياه لتقييم العروض (وفقا للأصول وعن أية أصول يتحدثون عند تسمية خبراء في عمل إدارة المناقصات الأمر الذي يمس في استقلاليتها وحريتها في اتخاذ القرار القانوني المناسب..)

في موضوع دير عمار
مشروع عالق منذ العام 2013. مشروع يعود لبناء المعمل على طريقة (EPC) تم إعادة إجراء المناقصة سابقا لترسو على شركة وكيلها نائب سابق وشريكه نائب حالي. بقي المشروع عالقا حتى 21/ 5 /2018 بالرغم من موافقة مجلس الوزراء حيث وافق على تفويض وزير الطاقة بالتفاوض حوله ..

في العام 2018، وبسحر ساحر وخلال أسبوعين تحول من (EPC) إلى BOT للتمويل من قبل الخواجا خواجا، ولم يمول لتاريخه.

وجاء البيان الوزاري ليلتزم بالورقة الإصلاحية رغم كل ذلك..

هل ما زال المشروع قائما في الواقع وتتوفر إمكانية تمويله في ظل الظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلاد؟ وهل يكافأ من لم يستطع التمويل ضمن 18 شهرا أن يعطى العقد مجددا بدلا من معاقبته؟ دور مؤسسة كهرباء لبنان في المضمون

1- ماذا عن جوهر خطة الكهرباء الواردة في البيان الوزاري التي تقضي ببناء معملي كهرباء بطريقة ال BOT ؟
أرفض تبني دمج مشروعي الزهراني وسلعاتا في إطار مناقصة واحدة، أرى ضرورة فصلهما وإطلاق مناقصة لمعمل الزهراني على حدة حيث أن إيجاد تمويل له أمر ممكن وسريع.. كما أوضح ذلك البنك الدولي نفسه

2- تقترح الخطة دمج الحل الدائم بالحل المؤقت الذي تفوح منه رائحة البواخر.. في معالجة أزمة الكهرباء وهذا يعقد إمكانية التمويل ويصعب الحصول عليه.

3- لم تتطرق الخطة ولا الورقة الإصلاحية إلى معالجة أوضاع مؤسسة كهرباء لبنان المتردية على مختلف المستويات. فهل تعلمون أيها الزملاء، أن الجباية من المواطنين يتم توريدها عبر مقدمي الخدمات إلى المصارف، وتصرف فقط بتوقيع رئيس مجلس الإدارة - المدير العام. إذا، هناك مدير عام له حق التوقيع المباشر على ما يزيد عن 800 مليون دولار أميركي سنويا. ولكن الغريب والأهم أين وكيف تصرف هذه الأموال؟ أين هي المراقبة اللاحقة لديوان المحاسبة التي لا تمر عليه أبدا قيود مؤسسة كهرباء لبنان.
بناء عليه، ندعو إلى إسقاط البواخر، وتأجيل الحل المؤقت حتى انطلاق تنفيذ الحل "الدائم"، والمباشرة بتنفيذ المعامل، وهنا أعيد حرفيا الموقف الذي أطلقه دولة الرئيس نبيه بري الرافض رفضا قاطعا ونهائيا لبواخر الكهرباء حيث حسم موقفه بالتأكيد "أنه حتى ولو تم اعتماد البواخر من جديد، فليكن معلوما ان هذه البواخر لن تصل الى الجنوب، حتى ولو ادى ذلك الى ان يسهر الجنوبيون على القناديل".

لذلك نجدد الدعوة إلى التزام الحكومة وخلال ثلاثة أشهر على أبعد مجال (عوضا عن مهل للحل حددها البيان الوزاري بين السنة والثلاث سنوات) بما يلي:

أولا- على مستوى تطبيق القوانين والأنظمة:
1. تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان واحترام استقلاليتها، وإنهاء أسطورة تعديل القانون 462/2002، وتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء فور نيل الحكومة الثقة.

2. ملء الشواغر في الوظائف القيادية في مؤسسة كهرباء لبنان كما في وزارة الطاقة نفسها.

3. استكمال إجراءات إنشاء الأجهزة المختصة لإدارة منشآت النفط ضمن إطار وهيكلية المديرية العامة للنفط، واستصدار المراسيم اللازمة لتطبيق المرسوم الاشتراعي رقم 79/ 1977.

ثانيا- على مستوى الممارسات المخالفة للقانون:

1. وضع حد لبدعة إطلاق المناقصات من منصات لا كيان قانونيا ولا نظام ماليا لها ولا صلاحيات لها في إجراء المناقصات العمومية، مثل مكتب الوزير ومنشآت النفط و"جمعية المركز اللبناني لحفظ الطاقة.

2. تعزيز دور إدارة المناقصات وأجهزتها الفنية والإدارية واحترام استقلاليتها وملاحظاتها على دفاتر الشروط، والتعجيل بإقرار مشروع القانون المتعلق بتطوير نظام المناقصات.

3. وقف تدخل مجلس الوزراء في إقرار دفاتر شروط المناقصات والتدخل في شؤونها التنفيذية".

وأردف: "وأخيرا، أشير إلى تعاطي البيان الوزاري بموضوع تحفيز القطاعات المنتجة إلى تشجيع القطاعات الزراعية ذات المردود العالي، إلخ (صفحة 11 من البيان).

بعض المعلومات عن هذا القطاع ضرورية لإطلاع المجلس الكريم: هناك 195,000 مالك لأراض زراعية، 40,000 مستثمر لأراض زراعية، 65,000 مزارع يعمل في الأراضي الزراعية، أي ما مجموعه 300,000 عائلة يشكلون العاملين والمستفيدين المباشرين من الزراعة، أي ما يعني حوالي مليون ونصف المليون من اللبنانيين الذين يعيشون مباشرة من هذا القطاع. في العام 1995 كان هذا القطاع يشكل 7% من الناتج القومي واليوم 3% فعملية التحفيز، إذا لم تقترن عمليا بدعم مالي مباشر، تكون الحكومة في هذا المجال مقصرة بحق هذا القطاع. أوروبا تدعم زراعتها ومزارعيها بمبلغ مليار دولار كل بزوغ شمس وتسميتهم للمزارعين حراس الحدود والأرض. فهل لنا أن نذكركم بدعم بسيط انطلق في 24 آب 2017 بدعم 200 ألف تنكة زيت زيتون في قضاءي مرجعيون-حاصبيا بمبلغ 50 دولارا للتنكة الواحدة بعد التأكد من أحقية كل مزارع يتقدم بطلب الدعم".

وختم: "بما أن الحكم تحكمه قاعدة الإستمرارية، أذكر دولتكم بأننا لن ننسى وسنعود لنطالب بذلك الحق خصوصا أن رئيس الحكومة ووزير المال السابقين قد أكدا قيد هذا المبلغ في احتياطي موازنة عام 2018 وحجزه لدعم زيت زيتون قضاءي مرجعيون - حاصبيا".

وأعلن النائب محمد الحجار، ان لا ثقة للحكومة، مشيرا الى ان "البيان الوزاري لا يتناول حلولا للمشاكل الكبيرة بالإضافة إلى عدم الوضوح في التعاطي مع الأزمة ينذر بالانهيار الوشيك، وأملنا كبير في ما نشهده من إنشاء جدران والتوقيفات ألا تكون هذه الأعمال البند الأول في أجندة هذه الحكومة".

وقال: "لا يختلف إثنان أننا أمام حالة استثنائية تتطلب إجراءات استثنائية"، لافتا الى ان "الناس التي تشاهدنا اليوم والتي يقف قسم منها أمام المجلس لا تصدقنا، وبالتالي حكومة مواجهة التحديات وبيانها الوزاري فيه الكثير من الضبابية وفيه عناوين فضفاضة من دون توضيح، كيف ومتى وما الآلية، وغطاء الاختصاص لن ينطلي على أحد".

اضاف: "مشكلتنا مع هذه الحكومة أنها حكومة بالوكالة وليس بالأصالة، فبيانها هو بيان مستنسخ بالمفرق لأفكار كان يمكن أن تصلح في غير هذا الزمن".

وتابع: "حالة الإنكار نراها تتجلى في هذا البيان الوزاري، ولم أجد فيه كيفية تعاطي حكومة العهد مع الأزمة النقدية ـ الاقتصادية، هذا البيان يصلح فيه القول "من كل واد عصا".

وقال: "يجب أن نعترف أن برنامج سيدر وخطة ماكينزي، لم يعودا يكفيان في هذه الأوضاع الراهنة

ورأى ان "حل مشكلة الكهرباء ليست بالأمر الصعب إذا ما طبقت القوانين، ولكن مشكلتنا بمن استلم الوزارة واعتبرها "بقرة حلوب". وقال: "من تناوب على وزارة الطاقة لا يعترف بالفشل ويعتبر الوزارة "بقرة حلوب" تؤمن مصالحه، وهو ما يجب ان يصار إلى التحقيق فيه".

وألقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب، كلمة، جاء فيها:

"عندما تصبح الأوطان مجرد عقارات.. تغدو البشرية أرقاما لا تاريخ لها ولا حضارات. وعندما لا تعود الأرض موطنا للذاكرة ولا مرتعا للمواقف والبطولات ولا موردا للرزق الكريم يرويه إلى عطاء الله عرق أهل السواعد.. تسقط الخصوصية والقيمة المضافة التي تمنح المكان أبعادا قيمية وتراثية.

وعندما ينسلخ عن الوطن، التاريخ والقيم والمعايير والتضحيات والكرامات.. لن يستنكف التجار أن يعرضوه في أسواق المزاد كعقار يمثل رقما جديدا في سوق المال أو البناء.
فلسطين ليست كذلك، ولن تكون كذلك. وما كشفته صفقة القرن، هو مستوى الصلف العدواني الذي يحاول اليوم أن يحكم بمعاييره بعيدا عن معايير الحق والعدل الدوليين..

وهذا ما ينبغي أن نستشعر مخاطره على الدوام في لبنان قبل أن يأتينا ذات يوم بعض فجار ذاك العدوان يريدون مقايضتنا على بضعة أمتار من حدودنا أو مياهنا لمصلحة عدونا وعلى حساب مصلحتنا الوطنية.

العدوان يتواصل عبر صفقة أو بدونها، ولا يرد العدوان وفق منطق الحق والعدل والأمن الدوليين ومنطق شرائع السماء إلا المقاومة بكافة أشكالها.. فلنذهب إلى حيث ينفع العمل ولنعتبر من دروس الماضي وحكايا الأحرار في التاريخ.

الحكومة التي تمثل اليوم أمام المجلس النيابي الكريم، بهدف نيل الثقة. لم تكن خيارا من بين خيارات متعددة، بل تكاد تكون الخيار المتاح لكل من كان ولا يزال يريد تشكيل حكومة في البلاد. لقد عاينا كجهة سياسية متابعة لشأن التأليف الحكومي إصرارا ما لدى البعض كما عاينا تعقيدات أطاحت بخيارات سبقت.. ومن أسف شديد أن ذلك كله كان يحصل وسط مشاهد كر وفر في الشارع وتوترات كادت تنتقل بين المناطق والطرقات الدولية التي لطالما شهدت قطعا متعمدا رغم محاولات متتالية لمنع تكرار ذلك..

بكل صراحة ووضوح، هذه الحكومة لا تشبه فريقنا السياسي، إلا أنه لتسهيل مهمة التأليف ارتضينا بها ونحن واثقون أن هناك مساحة من الرؤى القابلة للتفاهم، بين مكوناتها، يمكن أن تتوسع لاحقا وفقا لجهودنا وتعاوننا جميعا.

صحيح أن هذه الحكومة تضم اختصاصات في أكثر من مجال، إلا أن الصحيح أيضا أن نجاح كل صاحب اختصاص يتوقف على قدرته أن يكون إيجابيا متعاونا ضمن فريق حكومي يكمله ويتكامل به.
الطموح إلى موقع رئاسة الحكومة في البلاد هو طموح مشروع، لكن الاستعداد لتحمل كلفته في زمن الأزمة الخانقة المالية والنقدية والاقتصادية هو الأمر الجدير بالتوقف.. خصوصا وأن الدولة قد أصابها زلزال والناس فيها باتوا يموجون بحثا عن ملاذات آمنة.

إن التصدي للمسؤولية والجرأة على الإسهام بتحمل ما يمكن أن يؤدي إلى إنقاذ ما للبلاد ضمن القدر الممكن أو المستطاع هو عمل شجاع ومميز ينبغي أن نقر به ونسجله، ونشجع عليه، ونتعاون مع أصحابه.

في الوقت نفسه، إن هذه الحكومة لم يكن لها علاقة في صناعة السياسات الاقتصادية التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه، وقد تشكلت في لحظة سياسية تتطلب إنقاذا كما تتطلب عملا منهجيا دقيقا يبدأ من توصيف مالي ونقدي واقتصادي علمي لما حصل وصولا الى تقرير ما يتوجب فعله مباشرة ثم تباعا وقد تحتاج الحكومة في بعض قراراتها ازاء استحقاقات داهمة الى اوسع تشاور او تشارك أو تفهم وطني لما سيكون لتلك القرارات من تأثيرات على سياق معالجة الازمة المالية والنقدية الراهنة.

بالنسبة للبيان الوزاري على أهمية ما ورد فيه إلا أنه:
أيا تكن تلك المبررات لتطويل البيان الوزاري ، فإنها بكل صراحة لم تقنعنا، ولم نجد ضرورة لتفاصيل عرضها البيان كما كل البيانات الحكومية المتعاقبة. أما العمل على إقناع اللبنانيين بالشفافية والنزاهة والاستقامة فذلك لا يتحقق عبر البيان الوزاري.. الإقناع يبدأ بالممارسة التي تتوالى تباعا من كل وزارة أو من الحكومة مجتمعة فتتعزز بالتدريج ثقة المواطنين بما تنجزه الدولة وصولا إلى الثقة بما تعد به أصحابه.

إن كسب ثقة الناس رهن تنفيذ خطوات جدية في مسار مكافحة الفساد.. وقد عبر البيان الوزاري عن خطوات يهم الحكومة أن تشرع بها ونأمل أن تتكلل بالنجاح.
وتبقى أسئلة قلقة وحائرة تتداولها ألسن الناس كل في شأنه أو مهنته أو اختصاصه.. والمدخل الطبيعي للإجابة عنها هو انطلاق العمل الحكومي وعدم ترك البلاد دونما إدارة وتحمل مسؤوليات، ان المنهج المفترض لحل الازمات هو الحرص على تضييق الفواصل ودمج الخطوط لجنب غلواء الازمة لأن الرابح في كل الازمات هو من ينجح باحتوائها أو يستطيع يجاورها بما يمكنه من تجديد يراعي في الحياة.

إن السير بين أبنية متصدعة هو أهون بكثير من السير وسط قلوبٍ متصدعة قلقة عل ودائعها وجنى عمرها كما هي قلقة على مستقبل أبنائها وبلدها.

إن بلدا مثل لبنان، يقع على خط التماس مع الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وفي ظل تهديد دائم ومتواصل، استطاع عبر ما يختزنه شعبه من إرادة تحرر وإباء وطني.. أن يفرض معادلات توازن ردع مع هذا العدو توفر الأمن والاستقرار وتحفظ حقنا في استعادة ما تبقى لنا من أرض تحت الاحتلال سواء في مزارع شبعا أو تلال كفرشوبا أو الجزء الشمالي من بلدة الغجر.

إننا في الداخل نمتلك من الطاقات والإمكانات والموارد التي لو أحسسنا استخدامها أو استخدام أي منها بالشكل المناسب وبالتوقيت المناسب لأمكننا إنجاز معادلة اقتصادية منتجة في الداخل وقابلة للتبادل مع الخارج.. ضمن إطار سيادتنا الوطنية وأمننا القومي.

تبعا لصدق النيات وحسن الأداء، وحرصا على عدم تفويت فرصة عمل جدي سنحت من أجل خدمة وطننا وشعبه.. نمنح الحكومة الثقة".

وأعلن عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب هادي أبو الحسن، ان اللقاء الديموقراطي لن يعطي الحكومة الثقة.

وقال: "الحكومة أتت مخيبة للآمال فبعض وجوهها هو من صنف المستشارين المؤتمنين على توجهات تياراتهم".

واكد "اننا نتحمل المسؤولية رغم المزايدات والاستهدافات في ظل وضع مأزوم"، وقال: "ننطق بالحق ونصون الحقيقة ونصوب المسار لتفادي الإنهيار".

وأعلن "اننا نجدد تمسكنا بالنهج الاصلاحي انطلاقا من موقعنا المعارض البناء لأننا لسنا ممن يخبئون رؤوسهم في الرمال"، مشيرا الى ان "أكثر ما يقلقنا هي حالة الفوضى والغليان والتوتير والتشهير بحيث أصبح لبنان متفلتا من كل الضوابط".

ورأى "اننا أمام واقع خطير، وهذه الحكومة لا تتحمل مسؤولية ما وصلت البلاد ولكنها حتما مسؤولة عما سيأتي خصوصا وأن البيان الوزاري يدل على الإمعان في الاستمرار بنهج الحكومة السابقة".

اضاف: "تمرد يا دولة رئيس الحكومة وارفض ما يفرض عليك وبعدها ربما تستحق حكومتكم الثقة".

وأعلن ان "ملاحظتنا كبيرة على البيان الوزاري الإنشائي المنمق الخالي من أي خطة، لذا المطلوب إقرار قانون استقلالية القضاء قبل ملاحقة الفاسدين كما تفعيل أجهزة التفتيش المركزي".

وقال: "انطلاقا من كل ما تقدم لن يمنح اللقاء الديمقراطي الثقة لهذه الحكومة".

كما أعلن النائب أنور الخليل أن هذه الحكومة بما قرأناه عن الكفاءات والإختصاصات المتوفرة فيها وما رأيناه من إلتزام دقيق لرئيسها إن كان بفترة التأليف أو في البيان الدستوري، يشجعنا أن نأمل خيرا بالنتائج، وقال: "ان الحكومة في بيانها مستمرة باعتماد سياسات خاطئة.

وأشار الى ان "عجز الكهرباء بلغ 34 مليار، وإذا ما أضفنا إليها فوائد الاقتراض يصل الرقم إلى 52 مليار. ولا ينكر أي مراقب أن عجز الكهرباء سيؤدي إلى عجز لبنان عن إتمام واجباته الدولية".

ورأى أنه "لا يجب أن يصدر عفو عام ولكن لما توصلنا له من فساد، يجب علينا أخلاقيا وقانونا إلى أن يحاسب كل مسؤول عن ما وصلنا إليه اليوم".

وذكر الخليل أن "وزارة الإعلام لديها مشروع يتعلق بإنشاء المدينة الحرة للمعلوماتية والإعلام وأتمنى على وزيرة الإعلام أن تكشف عن هذا المشروع".

وأعلن النائب ميشال ضاهر انه "إذا لم أحصل على تعهد بعدم دفع مستحقات اليوروبند في آذار لن أمنح الحكومة الثقة".

ولفت الى أننا" نمر بأخطر مرحلة في تاريخ الوطن، والبيان الوزاري قارب هذا الموضوع بخجل وهذه الحكومة تضم شخصيات تتحلى بنظافة الكف، ولكن هذه الصفة ليست كافية في الوضع الراهن، وقال: "أخاف استعمال الحكومة للمسكنات في الوضع الراهن، قرأنا البيان ولم نجد حلولا ولا علاجات واضحة للخروج من الأزمة الاقتصادية، إما أن تكون الحكومة حكومة إنقاذ أو أخاف أنها ستسقط في الشارع أمام ثورة الجوع".

وبعد تعرضه للضرب من قبل المحتجين، غادر النائب سليم سعادة المستشفى وتوجه إلى المجلس النيابي لإلقاء كلمته.

واعتذر سعادة من رئيس المجلس قائلا: "دولة الرئيس أعتذر عن التأخير لاسباب صحية".

وفي الموضوع الاقتصادي والمالي، شدد على أن "نصف الودائع بالدولار صرف وما حصل ليس "كابيتال كونترول" بل حجز للأموال".

ونبّه من أن "القدرة الشرائية تنخفض كل شهر بسبب التضخم والودائع تبخرت والهندسة المالية التي قام بها مصرف لبنان هي بيع المستقبل"، متسائلا "ماذا إستفدنا منها؟". وأكد أن "المصارف تحتاج الى دمج والمال المنهوب توزع ونصف مؤسسات الدولة اللبنانية لا جدوى لها".

ولفت إلى أن "عند حدوث الإنكماش الإقتصادي من المفترض أن يتم ضخ سيولة في الأسواق ولكن مصرف لبنان يقوم بالعكس"، مستشهدا بأن "في الخارج حين تفلس اي مؤسسة يعودون 90 يوما الى الوراء لاسترداد أي تحويل وما حصل في لبنان تحويلات انتقائية يجب استعادتها".

وأكّد رئيس "حركة الاستقلال" النائب ميشال معوض اننا أمام مرحلة مصيرية من تاريخ لبنان نخوض من خلالها معركة الحفاظ على لبنان والكيان والهوية، لافتا الى ان القرارات التي ستتخذها الحكومة، في حال نالت الثقة، أو القرارات التي قد تتقاعس عن اتخاذها في الاسابيع والاشهر القليلة المقبلة قرارات مصيرية سترسم مستقبلنا ومستقبل أولادنا وأولاد أولادنا وقد تغيّر وجه لبنان كليا.

ورأى اننا اليوم امام سقوط منظومة فساد وزبائنية شارك فيها الجميع وأوصلت البلد إلى الإفلاس، داعيا الى الاعتراف بالحقيقة الموجعة أن دولتنا أفلست واقتصادنا انهار وان كل يوم اضافي نتنكّر فيه لهذه الحقيقة تصبح إمكانية الإنقاذ أصعب وأطول والكلفة أكبر بأضعاف.

معوض، وفي كلمة القاها خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري في مجلس النواب، لفت الى ان الافلاس الحاصل يعود لأربعة اسباب، السبب الاول نظامنا أو طريقة تطبيقنا للنظام حيث ان هناك مشكلة بنيوية بآلية اتخاذ القرارات، السبب الثاني سوء الإدارة والفساد والزبائنية والمحسوبيات، والصفقات والسمسرات والمحاصصة، السبب الثالث السياسات المالية والنقدية والاقتصادية، اما السبب الرابع فهو تموضع لبنان الاقليمي، أو بوصف أدق، التناقض بين تموضع لبنان السياسي الحالي وبين طبيعة اقتصاده ومصالحه وخريطة شركائه الاقتصاديين.

وشدد "على ضرورة تطبيق سياسة النأي بالنفس بالأفعال وبموجب اتفاق وطني بقناعة تامة من "حزب الله" لأننا لم نعد قادرين على الاستمرار في منطق المكابرة والهيكل سيسقط على رؤوس الجميع"، داعيا رئيس الجمهورية من موقعه الدستوري الى ان يبادر للتوصّل الى هذا الاتفاق.

واضاف: "تعاطيّ بهذه الأزمة ليس من باب المزايدة الشعبية ولا من باب العبثية، بل على العكس تماما انا مقتنع انه يجب ان نتوصّل الى حلّ مقبول بين الناس والأحزاب والقوى السياسية والأسواق المالية والمجتمعَين العربي والدولي"، لافتا الى أن وجود حكومة أفضل من الفراغ، وأن البوابة لأي حل هي حكومة تعيد ثقة الناس بمؤسساتها الدستورية وتحصل على ثقة وازنة وميثاقية في المجلس وتكون مقبولة من المجتمعين العربي والدولي وقادرة على اتخاذ إجراءات سريعة ضمن خطة متكاملة للإنقاذ، طبعا لا تستثني التحضير لإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

معوض رأى "ان المشكلة في الحكومة الماثلة أمامنا أنها لا تلبّي أي شيء من المثلّث الذي تكلّمت عنه، لأن الأساس في الحكومة ليس فقط بامتلاكها برنامجا، إنما بامتلاكها هوية تجعلها قادرة على تنفيذ البرنامج، محملا اكثر من فريق في هذا المجلس مسؤولية الفشل في التوصل لاتفاق وطني حول حكومة تحظى بأكبر دعم ممكن".

اما في ما خص البيان الوزاري،  فأثنى معوض على بعض النقاط الايجابية، وفي مقدمتهم التزام الحكومة بمواكبة إقرار قوانين استقلالية القضاء، والمنظومة القانونية التي تسمح بمحاربة فعالة للفساد، ومنها قانون جديد للإثراء غير المشروع، وقانون استعادة الاموال المنهوبة، وقانون تعزيز الشفافية ورفع السرية المصرفية والتصريح عن الذمة المالية لموظفي الدولة، مستغربا في الوقت عينه كيف أن البيان لم يأت على ذكر قانون رفع الحصانة الذي يشكل اولوية وطنية وأساس محاسبة أي مسؤول عن الفساد مهما علا شأنه.

معوض اوضح ان اساس المشكلة في هذا البيان الوزاري انه لا يعترف بواقع الانهيار وحجمه وهو بمثابة مواضيع انشاء على اطلال الوطن، فيتكلم عن أزمة أو أزمات في حين اننا في حالة افلاس وانهيار، كما انه يهتم بأمور كثيرة في حين ان المطلوب اجوبة واضحة بشأن كيفية مواجهة وادارة تحدي الإفلاس، وعن مدى حجم فاتورة الإنهيار، متوجها بلسلسة أسئلة: ما هو المبلغ الذي نحتاج الى تأمينه ليعود وينطلق البلد في الأشهر الأولى، ومن تاريخ اليوم الى سنتين: 5 مليار دولار؟ 10 مليار دولار؟ 20 مليار؟ 50 مليار؟ أو 70 مليار دولار؟ كم؟

من سيدفع الفاتورة؟ وكيف؟ أصحاب المصارف؟ والى أي حد؟ المودعون؟ من يملكون حسابات تتخطى مبلغ معيناً؟ وكيف؟ والى أي حد؟

ماهي المدة التي ستبقى فيها أموال الناس قيد الحجز؟ سنة؟ 5 سنوات؟ 10 سنوات؟ كم سنة؟

من سيدفع الفاتورة؟ الفاسدون عبر استعادة الأموال المنهوبة؟ وما هي التوقعات بالأرقام الحقيقية؟

كل الشعب من خلال التغيير بسياسة سعر صرف الليرة بعد ان خسر أساسا 40 بالمئة من قدرته الشرائية؟

ما هي خطة الدولة بشأن الاستحقاقات المالية بالـ"يوروبوندز"؟ أول استحقاق في آذار... فهل ستدفع؟ هل ستفاوض على إعادة هيكلتهم؟ أو ستتخلّف عن الدفع من دون مفاوضة؟ وبهذه الحالة ما هي الإنعكاسات القانونية والمالية والاقتصادية لهذا التخلّف؟

وهل تعتبر الحكومة صندوق النقد الدولي شريكا محتملا في عملية الإنقاذ أم ان الذهاب باتجاهه يعتبر مسّ بالسيادة؟

وأخيراً: اذ اصبح من الواضح ان جزءا من الفاتورة سيتم تسديده من بيع او تشركة اوخصخصة موجودات الدولة أو بعض قطاعاتها، هل يأتي البيع قبل أو بعد الإصلاحات البنيوية؟

كيف ستموّل الحكومة هذا العجز في الموازنة في وقت يرفض الجميع في الداخل والخارج تمويل الدولة؟ هل بطباعة العملة الورقية كما يحدث الآن؟ أو بمزيد من الاستدانة من مصرف لبنان من ودائع الناس؟ هل تعي الحكومة ماذا يعني عجز في الموازنة في هذا الظرف؟ لا التزام بتصفير العجز ولا التزام واضح في الاصلاحات.

معوض دعا للاستجابة الى مطالب اللبنانيين الذين اختاروا بعد "ثورة 17 تشرين" وطنا لا مزرعة، مسؤولين تحت سقف القانون لا زعماء أنصاف آلهة، قضاء مستقلا وعادلا واستعادة الأموال المنهوبة وفاسدين في السجن، حقوق مواطنة تجمعهم لا عصبيات وواسطات وفسادا يفرّقهم، اقتصادا منتجا وفرص عمل لا اقتصادا ريعيا وتوظيفات زبائنية، وقال: "على القوى السياسية أن تختار اليوم اما ان تلاقي اللبنانيين وتقوم بإصلاحات جذرية ضمن المؤسسات بأقل كلفة على الجميع ولو كانت موجعة، أو ذاهبون نحو صدامات مفتوحة نعرف اين تبدأ ولا نعرف اين تنتهي".

 

وطلب معوض من كل نائب قبل ان يقرّر منح الثقة أو حجبها ان يضع امامه صورة اولاده لا لتوريثهم صفقات ومناصب وكراسي اوصلت البلاد لديون وإفلاس وذل، لافتا الى المطلوب ان نورّث الأجيال القادمة وطنا يليق بكل التضحيات التي دفعنا ثمنها غاليا عبر السنين.

في الختام امتنع معوض عن اعطاء الثقة للحكومة، وقال: "لكل هذه الأسباب المتعلّقة بهوية الحكومة وغياب برنامج واضح لمواجهة وإدارة الإفلاس، ورفضي إعطاءها "شيكا" على بياض في هذه الظروف، لن اعطي الثقة لهذه الحكومة. لن أعطي الثقة للحكومة كما لا يمكنني اعطاء الثقة لأي معارضة سلطوية شريكة بالفساد وبما وصلنا اليه، لأن القصة اليوم ليست ثقة أو لا ثقة، حكومة أو لا حكومة، عهد أو لا عهد. القصة اليوم اصبحت بلد أو لا بلد، ولكن أقصى تمنياتي للبنان أن اقف هنا بعد 3 او 4 اشهر واقول أني أخطأت بقراءتي".

في ما يلي خطاب معوض كاملا:

دولة الرئيس،

لسنا اليوم في جلسة ثقة والقصة أكبر بكثير، نحن أمام مرحلة مصيرية من تاريخ بلادنا. الحكومات تأتي وتذهب، وان كانت هذه الحكومة بأعضائها غير مسؤولة عما وصلنا اليه، إلّا أن القرارات التي ستّتخذها او لن تتّخذها خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة في حال نالت الثقة، سترسم مستقبلنا ومستقبل أولادنا وأولاد أولادنا في هذا البلد.

خضنا في السابق معركة الحرية والسيادة والإستقلال، لكن التحدي اليوم امامنا أكبر وأخطر، تحدي الحفاظ على الكيان، على الهوية وعلى لبنان!

إذا لم يتم اتخاذ القرارات المصيرية الصحيحة، واكرّر خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة، الخطر سيكون بتغيّر كلّي لوجه لبنان. الخطر امامنا ليس ان نفتقر، وهو بحد ذاته كارثة، بأن يفقد لبنان دوره كبلد الحرّيات والتعدّدية، كجامعة ومستشفى الشرق، لبنان الاقتصاد الحر والمبادرة الفردية التي ساهمت بانجاح اللبناني في كل العالم، لبنان نمط الحياة الذي نتمسّك به ونصرّ على المحافظة عليه... اي باختصار نحن أمام خطر ان يتحوّل لبنان الى فنزويلا الشرق مع ثروات طبيعية أقل.

دولة الرئيس،

من المستحيل ان نصف علاجا لوضعنا إذا ما وصّفنا حالتنا، فمريض سرطان لا يُعالَج بدواء للقلب وقطعًا ليس بـ"بنادول".. ما نعيشه بعد "17 تشرين" ليس ثورة بوجه نظام ديكتاتوري كي تفوز الثورة أو يفوز النظام، فبطبيعة الحال ليس هذا هو الوضع، نحن أمام سقوط منظومة أوصلت البلد إلى الإفلاس، منظومة فساد وزبائنية شارك فيها الجميع بعد اغتيال الرئيس رينه معوض، بُنيت في المرحلة الاولى برعاية وإدارة سورية ولسوء الحظ، أكملت وتفشّت بعد الـ2005، وشاركت فيها معظم الأحزاب والقوى السياسية والاقتصادية والمالية، كما شارك فيها مسؤولون أمنيون وقضاة ورجال دين وإعلاميون وحتى قسم كبير من الشعب من خلال تصويته بالانتخابات لاركان هذه المنظومة التي نراها تسقط اليوم لأنها أفلست البلد، وهذا الامر لا يُعالج بالقنابل المسيلة للدموع ولا بالرصاص المطاطي ولا بوضع القوى الأمنية بوجه الناس ولا ببناء الجدران ولا بتراشق المسؤوليات، بل بداية بالاعتراف بالحقيقة مهما كانت موجعة، والحقيقة دولتنا افلست واقتصادنا انهار وعلينا التصرّف على هذا الأساس. وبسبب هذا الافلاس نواجه أزمة سيولة والناس يقفون لساعات وساعات امام المصارف من أجل أن يسحبوا مبلغا محددا من الدولارات في الأسبوع مع العلم ان نسبة هذه السحوبات الى انخفاض. لاننا مفلسون هناك سعران لصرف الدولار والاتجاه لان يصبح هناك 3 أسعار. بسبب الافلاس اللبنانيون عاجزون عن تحويل الاموال الى الخارج بحرية، ما اضطرنا الى تنظيم عمليات استيراد المحروقات والطحين والدواء، وبالتالي بدأنا في مواجهة صعوبة في استيراد المواد الأولية للصناعة وايضا المعدات والتجهيزات الطبية للمستشفيات، كما ان آلاف الشركات أقفلت او في طريقها الى الاقفال، والقطاعات الاقتصادية في حالة انهيار، وعشرات آلاف من اللبنانيين واللبنانيات، كي لا نقول اكثر، خسروا او سيخسرون وظائفهم، ونسبة الفقر بين اللبنانيين تجاوزت الـ40% وسط توقعات لان تصل الى50% قبل نهاية السنة..

دولة الرئيس،

صعب الاعتراف بهذه الحقيقة، لكن المصيبة الاكبر أن نستمر بالكذب على انفسنا وعلى الناس، فالاعتراف بالحقيقة وتوصيف حالتنا كما هي مهما كانت صعبة، هو المدخل الوحيد لسلوك طريق الانقاذ. فلبنان ليس الدولة الأولى التي تقع في الانهيار.

فالعديد من الدول أفلست قبلنا واضطرّت الى اتخاذ القرارات الصعبة والقيام بالاصلاحات اللازمة وتمكنت من الخروج من أزمتها. الحقيقة مؤلمة لكن كل يوم اضافي نتنكّر فيه لهذه الحقيقة يصبح الوجع أكبر وإمكانية الإنقاذ أصعب وأطول والكلفة أكبر بأضعاف.

دولتنا مفلسة واقتصادنا منهار، وبارتكاب الاخطاء نفسها يستحيل معالجة الوضع، لذا علينا ان نعرف الاسباب التي اوصلتنا الى الإفلاس.

4 أسباب اوصلتنا الى هذه الحال:

ـ السبب الأول يكمن في نظامنا أو في طريقة تطبيقنا للنظام: هناك مشكلة بنيوية بآلية اتخاذ القرارات، حتى داخل اي مؤسسة أو شركة هناك آلية لاتخاذ القرارات. لنفترض ان هناك شركة مجلس إدارتها مؤلّف من 7 اعضاء، وكل عضو من هؤلاء يملك حق الفيتو ولكن لا يملك صلاحية القرار، من المؤكد ان هذه المؤسسة أو الشركة مصيرها الإفلاس، فكيف إذا كان هذا الحال ينطبق على بلد ودولة.

فإذا ما كان يحصل على مدى السنوات الماضية كان على قاعدة:  إما اتفاق على المحاصصة اما خلاف وبالتالي تعطيل متبادل كلفنا سنوات من الفراغ، وبهذا نفهم لماذا يقول الجميع "ما عم يخلّونا نشتغل"!

ـ السبب الثاني هو سوء الإدارة والفساد والزبائنية والمحسوبيات، بالاضافة الى الصفقات والسمسرات والمحاصصة، وهذا ليس مجرد فساد في قلب بنية الدولة، بل منظومة حكم بُنيت على الفساد على حساب المؤسسات. فبدل ان تستوعب الدولة ومؤسساتها الطوائف وتنوّعها، زعماء الطوائف على تنوعّهم استوعبوا الدولة وتحاصصوها. والنتيجة 90 مليار دولار دين حتى لا نقول 130 مليارا،  ديون مصرف لبنان، لا طرقات ولا كهرباء ولا مياه نظيفة ولا طائرات لاخماد الحرائق ولا ضمان شيخوخة ولا بطاقة صحية ولا انترنت سريع مع العلم أن كلفة الانترنت لدينا هي الأغلى في العالم، حتى ان المطار فيه تسرّب للمياه، كما انه لا يوجد اي ملف مكتمل تديره الدولة اللبنانية.

ـ السبب الثالث هو السياسات المالية والنقدية والاقتصادية. يعلّموننا في السنة الأولى في الجامعة في علم الاقتصاد أنه عندما تريد تثبيت سعر الصرف أو المحافظة على قوة عملة وطنية لا يجوز ان يكون هناك عجز في الموازنة يُذكر. التناقض بين موازنات بعجز بنيوي وضخم منذ التسعينات الى اليوم نتيجة كل ما ذكرناه سابقا، وبين تثبيت سعر الصرف الذي كلفنا مليارات الدولارات، نعم دولة الرئيس مليارات الدولارات، وفي المقابل رفع الفوائد إلى حدّ منع الاستثمار في القطاعات المنتجة، وتحوّل اقتصاد لبنان الى اقتصاد ريعي غير منتج، وهو ما أوصل العجز في الميزان التجاري في العام 2018 لحوالي 17 مليار دولار... "وحلوها إذا بعد تنحلّ"!

وهنا اود ان اذكّر يا دولة الرئيس أننا لطالما كنا معارضين لهذه السياسات، وهذه القاعة تشهد كيف عارضت نائلة معوض منذ التسعينات مع قلّة من النواب هذه السياسات ودفعوا أثمانا غالية... رحم الله نسيب لحود واطال بعمر الرئيس حسين الحسيني وكل الباقين الذين يعرفهم اللبنانيون.

ـ السبب الرابع الذي اصبح الكثيرون يفضّلون عدم التكلّم عنه بشكل علني، هو تموضع لبنان الاقليمي، أو بوصف أدق، التناقض بين تموضع لبنان السياسي الحالي وبين طبيعة اقتصاده ومصالحه وخريطة شركائه الاقتصاديين!

لست هنا بصدد مناقشة موقفي السياسي المعروف من هذا التموضع، إنما ما اقوله أن لبنان بجميع الاحوال لا يستطيع ان يتموضع سياسيا في محور إيران من جهة، في حين بنى اقتصاده من جهة ثانية بالكامل استنادا الى المحور الثاني، اي أميركا، وصولا الى الدول العربية والخليجية، وفي طليعتها السعودية والامارات، بدءا من التبادل التجاري للاستثمارات السياحية وحجم المنتشرين اللبنانيين في هذه الدول الذين يحوّلون مليارات الدولارات سنويا، وصولا الى المساعدات الدائمة التي تطالب بها هذه الحكومة في بيانها الوزاري. هذه المعادلة لا تنطبق فقط على لبنان إنما على اي دولة في العالم. لنأخذ مثلا فيديل كاسترو، جار الولايات المتحدة، لكنه قرر أخذ كوبا الى محور الاتحاد السوفياتي، ايّده البعض وعارضه البعض الاخرفي خياره، إنما كاسترو كان منسجما مع نفسه، فذهب باتجاه هذا الخيار وبنى اقتصاده على هذا الأساس.

بالعودة الى لبنان، اذا اردنا التموضع مع ايران، بغض النظر عن رأيي في هذا الموضوع، فعلى الاقل علينا ان نكون قادرين على بناء اقتصاد قابل للحياة مع هذا المحور، ليس بالخطابات بل بالوقائع والأرقام. اي في حال اردنا ان نطرح الصين كبديل للولايات المتحدة، وايران كبديل للسعودية والامارات، على الصين ان تكون موضوعا قابلا، وأن لا تنسحب الشركات الصينية من لبنان مثلما انسحبت من ايران بعدما اعادت اميركا فرض العقوبات على ايران بعد الخروج من الاتفاق النووي، "وتا ما نضحك على بعضنا" كل المعنيين يدركون ان الصين ليست في هذا الوارد.

وايضا يجب ان تؤمن هذه الشراكة مع ايران البديل لمئات الألوف من الوظائف وان تعوّض التحاويل والاستثمارات والمساعدات والتبادل التجاري بمليارات الدولارات سنوياً.

واذا كنا عاجزين عن ضمان نجاح هذه الشراكة، أنا لا اطرح أن يكون البديل دخولنا في المحور الثاني. البديل هو أن نطبّق سياسة النأي بالنفس بالأفعال. ماذا تعني سياسة النأي بالنفس؟ تعني المحافظة على صداقاتنا مع كل الدول وعدم التدخّل في شؤونهم. النأي بالنفس لا يعني ان لا ندافع عن أرضنا أو حدودنا في وجه إسرائيل أو أي تهديد ثان. الخلاف هنا مع "حزب الله" هو على الآلية وليس على المبدأ، لأننا نرى ان هذه الالية يجب ان تحصل من خلال الاتفاق على استراتيجية دفاعية تحت إدارة الدولة اللبنانية. النأي بالنفس لا يعني عدم القبول بتوطين الفلسطينيين وعدم القبول ببعض السياسات الدولية بشأن ملف النازحين السوريين. هذه ملفات في صلب سيادتنا وتمسّ بالمصلحة الوطنية اللبنانية ومن حقنا ان نواجه العالم فيها بذكاء. النأي بالنفس يعني على سبيل المثال ان لا نهاجم السعودية والإمارات من اجل الحوثيين في اليمن. النأي بالنفس يعني أن لا نكون في المحور الأميركي، ولكن في الوقت عينه لا نكون رأس حربة في مشروع إخراج الأميركيين من المنطقة ولا في مشروع مدّ نفوذ إيران في المنطقة. والنأي بالنفس يا دولة الرئيس، لا يعني استخدام "تعابير إنشائية" في البيانات الوزارية، جرّبناها مع الرئيس سعد رفيق الحريري بما يمثّل من شبكة علاقات عربية ودولية استثنائية موروثة ولم تنجح، والأكيد انها لن تنجح مع الرئيس حسان دياب مع كل الاحترام لشخصه. دولة الرئيس لا اقول هذا الكلام في وجه "حزب الله" إنما اقوله لـ"حزب الله" بيد ممدودة لإنقاذ بلدنا لأننا لم نعد قادرين على الاستمرار في منطق المكابرة والهيكل يسقط على رؤوس الجميع. النأي بالنفس يحصل بموجب اتفاق وطني بقناعة تامة من "حزب الله"، وأدعو رئيس الجمهورية من موقعه الدستوري الى ان يبادر للتوصّل الى هذا الاتفاق.

دولة الرئيس،

تعاطيّ بهذه الأزمة ليس من باب المزايدة الشعبية ولا من باب العبثية، بل على العكس تماما انا مقتنع انه في سبيل الحد من الاثمان علينا جميعا ان نتوصّل الى حلّ مقبول بين الناس والأحزاب والقوى السياسية والأسواق المالية والمجتمعَين العربي والدولي. نعم، أنا مقتنع أن وجود حكومة أفضل من الفراغ، وأن البوابة لأي حل هي حكومة قادرة على اتخاذ إجراءات سريعة ضمن خطة متكاملة للإنقاذ، طبعا لا تستثني التحضير لإجراء انتخابات نيابية مبكرة. أما السؤال: "لماذا أطرح الحكومة قبل الانتخابات"؟ لأن الوضع المالي والاقتصادي لا يحتمل عدة اشهر تأخير من دون اتخاذ الإجراءات المطلوبة، عدة اشهر لدعوة الهيئات الناخبة وتنظيم الانتخابات ومن بعدها استشارات وتشكيل الحكومة.

نعم البوابة هي الحكومة شرط ان تكون حكومة قادرة على مواجهة التحديات بهويتها وبالركائز الداخلية والخارجية التي تعتمد عليها، وقادرة ببرنامجها ان تعالج الأسباب الأربعة التي تكلّمنا عنها وبالتالي توقف الانهيار. لهذا طرحت من الأساس حكومة مبنية على 3 أسس: اولا حكومة تعيد ثقة الناس بمؤسساتها الدستورية، لأن أي حكومة لن تتمكن من الحكم إذا بقي الوضع على هذا الحال في الشارع خصوصاً أنه بات من المؤكد انه سيكون هناك إجراءات موجعة، ما سيرفع نسبة الفقر على مدى ثلاث سنوات في أحسن الأحوال؟! ثانيا حكومة تتمكن من الحصول على ثقة وازنة وميثاقية في المجلس ومحصّنة باتفاق وطني على تنفيذ الإصلاحات وليس على المحاصصة. ثالثا حكومة مقبولة من المجتمعين العربي والدولي تعيد وصل ما انقطع بين لبنان وشركائه العرب والدوليين. من هذا المنطلق كنت قد طرحت تشكيل حكومة متخصّصين غير حزبيين برئاسة السفير نواف سلام، الا ان البعض زايد علينا بهذه التسمية حيث اعتبر البعض ان سلام "أميركي" وهذا ظلم كبير وهم نفسهم أتونا بحكومة أكثر من نصف وزرائها لديهم الجنسية الأميركية.

دولة الرئيس،

بغض النظر عن وجود بعض الوزراء المشهود لهم، المشكلة في الحكومة الماثلة أمامنا أنها لا تلبّي أي شيء من المثلّث الذي تكلّمت عنه، لأن الأساس في الحكومة ليس فقط بامتلاكها برنامجا، إنما بامتلاكها هوية تجعلها قادرة على تنفيذ البرنامج. وهذه الحكومة عجزت عن ارضاء الشارع والدليل ما يحصل في الخارج، كما انها لم تحظى باتفاق سياسي ميثاقي لا بل على العكس تماما فانها تؤسس لخلاف سني- شيعي، وشاهدنا الجهود التي بُذلت لتتأمن لها الثقة ولو بفارق صوت واحد، ومن الواضح أنه يتم مقابلتها ببرودة عربيا ودوليا كي لا نقول اكثر. هنا اود ان اقول أنني لا احمّل مسؤولية تشكيل هذه الحكومة حصرا للفريق السياسي الداعم لها، إنما احمّل اكثر من فريق في هذا المجلس مسؤولية الفشل في التوصل لاتفاق وطني حول حكومة تحظى بأكبر دعم ممكن.

دولة الرئيس،

أما على مستوى البرنامج فقرأت البيان الوزاري بتمعّن. طبعا هناك نقاط ايجابية فيه، وفي مقدمتهم التزام الحكومة بمواكبة إقرار قوانين استقلالية القضاء، ومن جهة ثانية المنظومة القانونية التي تسمح بمحاربة فعّالة للفساد، ومنها قانون جديد للإثراء غير المشروع، وقانون استعادة الاموال المنهوبة، وقانون تعزيز الشفافية ورفع السرية المصرفية والتصريح عن الذمة المالية لموظفي الدولة، مع العلم أنه من المُستغرب كيف أن البيان لم يأت على ذكر قانون رفع الحصانات الذي هو أساس محاسبة أي مسؤول عن الفساد مهما علا شأنه، وهو امر يجب ان يكون أولوية وطنية لأن إقرار هذه القوانين أساس لمحاسبة قضائية للفاسدين. اليوم امامنا فرصة تاريخية، فمن جهة ضغط الثورة ومن جهة ثانية وجود النقيب ملحم خلف والرئيس سهيل عبود والوزيرة ماري كلود نجم ومن جهة ثالثة لجنة نيابية فرعية لإقرار هذه القوانين، وبالتالي علينا ان  نقرّ هذه القوانين بأقل من شهرين، وأي تأخير لم يعد مقبولا يا دولة الرئيس.

لن ادخل بنقاش مفصّل لكل البنود بل سأتكلم عن أساس المشكلة في هذا البيان الوزاري.

الأساس أن هذا البيان لا يعترف بواقع الانهيار وحجمه، وما زال يتكلم عن أزمة أو أزمات. نتكلم عن أزمة اذا بلغ معدل النمو صفرا بالمئة أو نمو سلبي بنقطة او نقطتين. ولكن حين نتوقع أن يتراجع الدخل القومي لأكثر من 20 بالمئة، وحين نتساءل ما اذا يجب ان نسدد استحقاقاتنا او لا، وحين ينتظر المواطنون لساعات للحصول على جزء قليل من اموالهم فنكون في انهيار، وإذا اردنا ان نصارح انفسنا والناس يجب ان نصف وضعنا بدقة بأنه افلاس وإنهيار.

النقطة الثانية والأهم أن الحكومة تناولت في بيانها الوزاري أمورا كثيرة، انطلاقا من الخطط الى المترو والقطار والى مباني مدرسية وجامعية حديثة، الى مستشفى عسكري مركزي حديث، الى كل أنواع شبكات الأمان الاجتماعي، الى خطط الكهرباء والبيئة، وصولا الى حقوق المرأة وتحديث الإدارة العامة... والى غيرها وغيرها من الأمور والوعود. يعني انه ينطبق على هذا البيان الوزاري قول الإنجيل "مرتا مرتا تهتمين بأمور كثيرة أما المطلوب فواحد". والمطلوب من حكومة مواجهة التحديات ان تجيبنا بوضوح كيف ستواجه وتدير تحدي الإفلاس... وكل الباقي في هذا الوضع اصبح مثل الدولار بالـATM.

دولة الرئيس نريد جوابا من الحكومة عن مدى حجم فاتورة الإنهيار، اي ما هو المبلغ الذي نحتاج الى تأمينه ليعود وينطلق البلد في الأشهر الأولى، ومن تاريخ اليوم الى سنتين: 5 مليار دولار؟ 10 مليار دولار؟ 20 مليار؟ 50 مليار؟ أو 70 مليار دولار؟ كم؟

من سيدفع الفاتورة؟ وكيف؟ أصحاب المصارف؟ والى أي حد؟ المودعون؟ من يملكون حسابات تتخطى مبلغ معيناً؟ وكيف؟ والى أي حد؟

على الحكومة ايضا ان تعطينا جوابا بشأن المدة التي ستبقى فيها أموال الناس قيد الحجز؟ سنة؟ 5 سنوات؟ 10 سنوات؟ كم سنة؟

من سيدفع الفاتورة؟ الفاسدون عبر استعادة الأموال المنهوبة؟ وما هي التوقعات بالأرقام الحقيقية؟

كل الشعب من خلال التغيير بسياسة سعر صرف الليرة بعد ان خسر أساسا 40 بالمئة من قدرته الشرائية؟

على الحكومة ان تطرح لنا خطتها بشأن الاستحقاقات المالية بالـ"يوروبوندز"؟ أول استحقاق في آذار... فهل ستدفع؟ هل ستفاوض على إعادة هيكلتهم؟ أو ستتخلّف عن الدفع من دون مفاوضة؟ وبهذه الحالة ما هي الإنعكاسات القانونية والمالية والاقتصادية لهذا التخلّف؟

وهل تعتبر الحكومة صندوق النقد الدولي شريكا محتملا في عملية الإنقاذ أم ان الذهاب باتجاهه يعتبر مسّ بالسيادة؟

وأخيراً: اذ اصبح من الواضح ان جزءا من الفاتورة سيتم تسديده من بيع او تشركة اوخصخصة موجودات الدولة أو بعض قطاعاتها، هل يأتي البيع قبل أو بعد الإصلاحات البنيوية؟

اطرح هذا السؤال يا دولة الرئيس لأنه في موضوع الإصلاحات والتي تترجم نتائجها بالموازنة والعجز بالموازنة، الحكومة تتحدث عن خفض العجز في الموازنة من دون ان تلتزم بأي أرقام أو تواريخ، وهذا يأتي بعدما تبنّى رئيسها موازنة الحكومة السابقة التي صحّحنا فيها الكثير داخل لجنة المال والموازنة، لكنها بقيت خارج المكان والزمان. كيف ستموّل الحكومة هذا العجز في الموازنة في وقت يرفض الجميع في الداخل والخارج تمويل الدولة؟ هل بطباعة العملة الورقية كما يحدث الآن؟ أو بمزيد من الاستدانة من مصرف لبنان من ودائع الناس؟ هل تعي الحكومة ماذا يعني عجز في الموازنة في هذا الظرف؟ لا التزام بتصفير العجز ولا التزام واضح في الاصلاحات.

نلحظ  في ما خص موضوع التهرّب الجمركي انه لا يوجد التزام بالوقت مع ان هذا الامر قادر ان يحقق دخلا للخزينة يتراوح ما بين الـ500 مليون والمليار دولار سنويا وإجراءاته لا تحتاج لـ100 يوم... تحتاج الى قرار؟ اما في ما خص خطة الكهرباء فهل تأخذ الدولة بعين الاعتبار أنه من المحتمل ان لا يكون هناك وجود لمستثمرين جدد نتيجة مشاكل التمويل المستجدة والقيود الموضوعة على تحويل الاموال بين الداخل والخارج، وأن هناك توجها لدى الشركة التي التزمت معمل دير عمار الى التنصّل من المشروع؟ وهذا ينطبق على كل مشاريع الخصخصة أو الشراكة مع القطاع الخاص. وما هي الخطة الحقيقية خارج العناوين الفضفاضة للإصلاحات البنيوية الجريئة بالفساد في المؤسسات التي لا نملك القدرة الرقابية عليها (فوق الـ90 مؤسسة)، وفي حجم الدولة، وفي مسألة الموظفين الذين عُيّنوا خلافا للقانون، وفي النظام التقاعدي وفي شفافية المناقصات العمومية على سبيل المثال؟ والسؤال الأخير في هذه المرحلة الانتقالية: ما هي الأولوية لحماية المواطنين الأكثر فقرا في هذه المرحلة الانتقالية؟ وإذا كان الجواب ان هناك صفحة في البيان الوزاري عن مشاريع حول شبكات الأمان الاجتماعي للبنانيين، السؤال الثاني: من اين التمويل؟

هذه الأسئلة التي نريد أجوبة عليها من الحكومة، اما الباقي في هذا المرحلة مواضيع إنشاء على أطلال الوطن.

دولة الرئيس،

اختار اللبنانيون بعد "ثورة 17 تشرين" وطنا لا مزرعة، مسؤولين تحت سقف القانون لا زعماء أنصاف آلهة، قضاء مستقلا وعادلا واستعادة الأموال المنهوبة وفاسدين في السجن، لا يريدون بلدا يتكلم فيه الجميع عن الفساد لكن الفاسدين فيه أشباح، يريدون حقوق مواطنة تجمعهم لا عصبيات وواسطات وفسادا يفرّقهم، اقتصادا منتجا وفرص عمل لا اقتصادا ريعيا وتوظيفات زبائنية، أوتوسترادات "مزفتة" وكهرباء ومياه وبيئة نظيفة خالية من النفايات وانترنت، وكل البنى التحتية "ومش زفت تحت العريشة وقدام البيت"..

على القوى السياسية أن تختار اليوم: اما تلاقي اللبنانيين وتقوم بإصلاحات جذرية ضمن المؤسسات بأقل كلفة على الجميع ولو كانت موجعة، أو ذاهبون نحو صدامات مفتوحة نعرف اين تبدأ ولا نعرف اين تنتهي.

المطلوب من كل نائب منا قبل ان يقرّر منح الثقة أو حجبها ان يضع امامه صورة اولاده لا لتوريثهم صفقات ومناصب وكراسي اوصلتنا لديون وإفلاس وذل، المطلوب ان نورّث الأجيال القادمة وطنا يليق بكل التضحيات التي دفعنا ثمنها غاليا عبر السنين.

لكل هذه الأسباب المتعلّقة بهوية الحكومة وغياب برنامج واضح لمواجهة وإدارة الإفلاس، ورفضي إعطاءها "شيكا" على بياض في هذه الظروف، لن اعطي الثقة لهذه الحكومة. لن أعطي الثقة للحكومة كما لا يمكنني اعطاء الثقة لأي معارضة سلطوية شريكة بالفساد وبما وصلنا اليه، لأن القصة اليوم ليست ثقة أو لا ثقة، حكومة أو لا حكومة، عهد أو لا عهد. القصة اليوم اصبحت بلد أو لا بلد.

لن أعطي الثقة لهذه الحكومة، ولكن أقصى تمنياتي للبنان أن اقف هنا بعد 3 او 4 اشهر واقول أني أخطأت بقراءتي... حمى الله لبنان وشكرا.

وأشار النائب ياسين جابر، خلال الجلسة المسائية لاستكمال مناقشة البيان الوزاري، إلى أن "لبنان يعاني من عدة أزمات متزامنة لم تشهدها أي دولة"، لافتا الى انه "اضافة الى الأزمات المالية والنقدية، سيتراجع الناتج المحلي لغاية 20 % نتيجة الأزمة الإقتصادية، والأخطر من هذه الأزمات، هي فقدان المصداقية".

واوضح أن "اللبنانيين عبروا عن مطالبهم في الإصلاح من خلال التحركات الشعبية المحقة، لأن جميع الدول والسفراء تدخلوا مطالبن بالإصلاح". ولفت جابر إلى أن "المعالجة ليست مستحيلة وتبدأ باستعادة الثقة، عبر اثبات الحكومة مصداقيتها بالأفعال وليس بالكلام"، متمنيا "تطبيق كل النقاط التي وردت في البيان الوزاري، وهناك اولويات أساسية يجب البت بها، فعلى الحكومة أن تثبت لنا أنها تريد للبنان ان يكون دولة قانون ومؤسسات وأن تبدأ بالعمل على ذلك في أيامها الأولى".

وتمنى جابر أن "يتم تنظيم عملية الCapital Control، ولا بد من إعادة هيكلة الدين ووقف الهدر في الإتصالات والجمارك"، مؤكدا "ضرورة خفض الفوائد على الإيداع لتحريك الإقتصاد"، داعيا الى "تشكيل فريق اختصاصي مهمته تقديم رأي علمي مالي لمعرفة كيفية اعادة هيكلة الدين العام".

وختم:"سنعطي الثقة لأنكم حكومة الفرصة الأخيرة".

ورأى النائب جهاد الصمد في كلمة القاها خلال الجلسة المسائية لاستكمال مناقشة البيان الوزاري في مجلس النواب، ان " رئيس الحكومة حسان دياب قد صدق مزحة حكومة اختصاصيين مستقلين وهو يتعامل مع الوزراء كأنه هو من زكاهم وعينهم متغافلا عن دور عرابي هذه الحكومة"، وقال: "نأمل منك والتزاما بمبدأ الشفافية ان تصارحنا كيف تألفت هذه الحكومة".

وسأل "هل من باب المصادفة ان يكون أكثر من نصف اعضاء هذه الحكومة من التابعية الأميركية أو 4 من وزارئها من قضاء واحد، وهل لا يحق لنا ان نعلم من هم الوزراء الذين يملكون جنسية ثانية؟".

ولفت إلى انه "قد تكون أعداد المواطنين في الشارع قد تراجعت لكن غضب الشارع يتفاقم ويتعاظم، والحاجة هي أشد أنواع العنف".

وقال: "لا أريد ان اناقش البيان الوزاري لأنه لم يكن يوما التزاما تحاسب على اساسه الحكومات، ولا فائدة من نقاش أي بيان وزاري والحكومة في واد والشعب يحاصرنا لمنعنا من حضور جلسة الثقة".

واعتبر ان "حكومة مقنعة من مستشارين لا يعول عليها ولا يمكنها مواجهة التحديات، كما ان حكومة لا تنوي اقالة حاكم مصرف لبنان ومحاسبته لا يعول عليها ولا يمكنها مواجهة التحديات".

  • شارك الخبر